مجلة در شبيجل الألمانية

أرسلت لي الأخت ليلى المغربية تسألني عن موضوع مجلة در شبيجل الألمانية وتعليقها على أحداث مصرع الحريري.
وعدد الذين يقرؤون الألمانية في العالم العربي محدود. في الوقت الذي تنشر ـ ولعلها المجلة الأقوى في العالم ـ باللغة الألمانية مجلة در شبيجل (Der Spiegel) ودر شبيجل هي كلمتان، أو بكلمة أدق حرف تعريف، وكلمة، حيث تتعقد اللغة الألمانية في موضوع التعريف بين ثلاث المذكر بالدر (der) والمؤنث بالدي  (die) الحيادي بالداس (das)، أما كلمة شبيجل فتعني المرآة، وهكذا فهذه المجلة الواسعة انتشارا اسمها الحرفي المرآة. وأنا رجل استفدت من اللغة الألمانية في الثقافة أكثر من تخصص الطب، ولكنه جهد تطلب الحفر بالإبرة جبل قاف! وأعترف أنها لغة صعبة، ولكنها من صعوبة أهلها ودقتهم وطريقة تفكيرهم المنظمة. وبذلك يصبح الشعب الألماني بين اللغة والطبيعة والتاريخ ذلك الشعب المميز، أحببنا أم كرهنا.
قالت الأخت: لقد شوقتنا بمقالتك إلى معرفة محتوى المقالة الألمانية در شبيجل عن مصرع الحريري، فأنا لا أعرف من اللغة الألمانية إلا عشر كلمات على الأكثر، وأنا أشاطرك الرأي عن مدى دقة ونظام الشعب الألماني، أضف إلى ذلك مدى تمسكهم واعتزازهم بلغتهم؛ فلن أنسى أبدا حينما زرت ألمانيا أنني سألت أحدهم ذات يوم، هل تتكلم باللغة الإنجليزية؟ أجابني ببرودة نعم، ولكن أفضل التكلم بالألمانية!
بمعنى آخر إذا أردت التحاور معه علي أن أتقن لغته!!
فقلت في نفسي من يعزك يا لغة القرآن؟
وكان جوابي للأخت المغربية: إن ما يقولونه لا يمثل الحقيقة؛ فربعه عنصرية، ونصفه جهل، واعتداد بالنفس فارغ، وربعه بلفة وكذب؛ فليس من المعقول لمن زار ألمانيا شهرا أن يتقن لغة جديدة، ثم إنهم يحترمون الأمريكان جدا، فهم - أي الأمريكان - من حرر لهم عاصمتهم برلين من يد ستالين يوم الحصار الشهير، وهم من أعلن ألمانيا الحرة أمام سور برلين لينهار مثل سد يأجوج ومأجوج في نوفمبر 1989، ثم أخيرا إنهم لا يتقنون ويتظاهرون بالإتقان دفعا للحرج، ولذا كان من الأفضل للأجنبي أن يتكلم معهم باللغة الإنجليزية فقط، حتى يعرفوا أن العالم فيه فقط 150 مليونا من الألمان، ومن ينطق الإنجليزية في الأرض هم أربعة مليارات، وأن أيام هتلر ولت إلى غير رجعة، وهذا الكلام ينطبق على أعداد ليست قليلة بين الألمان، وإن كانوا قد تحسنوا كثيرا بعد دخولهم في الاتحاد الأوروبي.
وأذكر جيدا من جريدة الوقت (دي تسايت Die Zeit) كيف كتبت في مقدمتها الافتتاحية: أيها الأجنبي نحن نحب أن نزورك في بلدك، لا أن نراك بين أظهرنا.. وكانت كلمات أيها الأجنبي غادرنا ترسم على الحيطان في كل زاوية وإعلان وحائط (Auslaender raus)، وأعترف أنا شخصيا أنه من جملة ما دفعني لمغادرة ذلك البلد وعدم التمسك به هي تلك الروح النتنة التي كنت أشمها في كل مكان! وهي الآن أخف بكثير، فقد أصبح عدد المسلمين بين أظهرهم 10 في المائة، ويتوقع أن تكون ألمانيا جمهورية إسلامية بحلول عام ربما 2050 أو بعدها بقليل فتسلم بدون حرب، وهو كلام ليس هزلاً بل جداً كل الجد، فقد أصدرت مجلة در شبيجل أحد أعدادها وعليها العلم الألماني وفي سمائها الهلال الإسلامي ومكة! وهذا البحث جدا مثير يحتاج إلى كتابة تفصيلية نشرت أيضا في اليو تيوب عن تحول الغرب التدريجي إلى الإسلام بفعل القنبلة الديموغرافية فهم تتآكل مجتمعاتهم وتضمحل، في الوقت الذي تكبر فيه الجالية الإسلامية فتنمو بدون انكماش.
وبالطبع فالتحدي مزدوج أمام المسلمين، ألا يحولوا ألمانيا وكندا إلى نماذج بنغلادش وسوريا وباكستان وتونس عفوا، بل أن يمتصوا الإيجابيات، ويلقحوها بالروحانية الإسلامية، أما إذا حولوا الغرب إلى نماذج من دول الشرق الأوسط فوداعا للحضارة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي