يبدو أن مهنة كتابة "المعاريض" في العاصمة المقدسة في طريقها نحو الاختفاء نهائياً، بعدما مضت ثلاثة أعوام على قرار منع ممارستها أمام فرع الأحوال المدنية، في الوقت الذي طالب عدد ضئيل من ممارسيها بفتح المجال لهم للعمل مجدداً، بعدما تعلقوا بها لسنوات طويلة.
يقول حميد السلمي: "أعمل في هذه المهنة أكثر من 30 عاماً، وكانت الأمور تسير على نحو جيد، لكن الإدارة الجديدة للأحوال أصدرت عددا من القرارات قبل نحو ثلاثة أعوام بمنع ممارسة هذه المهنة".
وأضاف أن الكثير من رفقاء المهنة الذين زاملوه أكثر من عقدين من الزمن تركوها، بعدما لم يجدوا حلاً لمنعهم، والبعض ليس لديه خبرة غير هذه المهنة، ما دفع كثيرا منهم إلى العمل في سوق الخضار عل هذه التجارة تحل مكان مهنتهم الأصلية.
من جهته، أشار عبد الله الأنصاري إلى "أننا بجلد من الصبر، وتحت أشعة الشمس، ولفح لهيبها، ننتظر كل صباح القادم إلى هذه المديرية للسعي وراء معاملة له لتخليص إجراءاتها، لنخط له عبر آلة كاتبه من الطراز القديم، خطاب أو كما نطلق عليه بـ "المعروض" لتقديمه إلى مدير إدارة الأحوال المدنية، ولا يساوي هذا الجهد سوى حفنة من النقود لا تتجاوز العشرة ريالات، ورغم ذلك نجد من يحاربنا في لقمة عيش، وأصبح دخلنا في الأسبوع لا يتجاوز 200 ريال، بعد أن كان هذا المبلغ نحصل عليه في غضون ساعات يوميا".
وأضاف أن البعض منهم يجيد صنعة أخرى وهي نقش أختام المهر، والتي يستخدمها كبار السن في الغالب، وكان يستخدمها كذلك رجال الأمن ليتسنى لهم تسلم رواتبهم بها، ولكن بعد تحول رواتب رجال الأمن إلى البنوك، وضعف إقبال كبار السن على صناعة تلك الأختام، أصبح المردود المادي ضعيفا، مطالبا إدارة الأحوال بالنظر في أحوالهم، والسماح لهم بقبول معارضيهم، وملء الاستمارات الرسمية لكي تعود تجارتهم إلى سالف عهدها.
من جهته، أكد عبد العزيز العطار مدير إدارة الأحوال المدنية في العاصمة المقدسة لـ" الاقتصادية"، أن منعهم إعطاء كتاب "المعاريض" الاستمارات الرسمية يعود إلى أن الأنظمة الصادرة من قبل وزارة الداخلية تمنع ذلك، وليس المنع ارتجاليا أو شخصيا من قبلهم، مشيراً إلى أن كتاب "المعاريض" يبيعون تلك الاستمارات، على المراجعين علاوة على قيمة تعبئتها، ما استوجب منع إعطائهم تلك الاستمارات، والاكتفاء بإعطائها المراجع لتعبئتها، وعند عدم تمكنه من تعبئتها يقوم الموظف بمساعدته على ذلك.

