أوباما في الشرق الأوسط .. المشروع الخطير
زيارة الرئيس الأمريكي القريبة نرجو أن تكون بداية حقيقية للتحول في السياسة الأمريكية في المنطقة، وما نتطلع إليه هو ألا تكون مجرد زيارة لتهدئة الخواطر المضطربة وتقديم المسكنات السياسية لأمراض المنطقة المزمنة، ونقصد بذلك الاحتلال الإسرائيلي، والاحتلال الأمريكي في العراق.
لقد عوّدتنا الإدارات الأمريكية السابقة أن تتدخل فقط عندما تكون إسرائيل في خطر، وهذا السلوك أفقد أمريكا مصداقيتها وجعل مساعيها مجرد رحلات دبلوماسية سياحية لأنها لا تقدم أي ضغوط حقيقية على إسرائيل كي تقبل السلام، فقد رفض الكيان الصهيوني عدة مشاريع حقيقية، وغالباً يأتي الرد على هذه المشاريع بشكل سافر ودموي لأجل خلط الأوراق وإعطاء الفرصة للوبي الإسرائيلي في أمريكا ليعيد ترتيب صفوفه، وبالتالي تكبل أيدي الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي أثبتت الشواهد السياسية أنها لن تقدم أي حلول لا يقبلها اللوبي الصهيوني.
لن نقول إن باراك أوباما مجرد سائح أمريكي جديد في الشرق الأوسط، فالشواهد تقول إنه يأتي المنطقة بقلب جديد، وتصريحاته بعد لقائه الرئيس الفلسطيني أخيرا تشكل نقلة جديدة في الخطاب السياسي الأمريكي، حيث طالب بإيقاف الاستيطان وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، لذا نتطلع إلى أن يستطيع تحقيق رؤيته السياسية، وكثيرون في العالم العربي يقدمون له كل الأمنيات الصادقة وكل الوسائل التي يحتاج إليها، والرئيس أوباما يقدم نموذجاً جديداً للزعامة التي تحترم الثوابت والمبادئ، ومنذ انتخابه وهو يقدم خطوات إيجابية سواء في سياسته الداخلية أو الخارجية، وكان لهذا المسلك انعكاس إيجابي على صورة أمريكا في الشرق الأوسط، بل في العالم. وحضور الرئيس أوباما السياسي القوي والقبول الشعبي العالمي الذي يحظى به لعبا دوراً في امتصاص الصدمة التي أحدثتها الهزة المالية التي ثبت أن أمريكا هي التي جلبتها للعالم نتيجة لأخطاء مؤسساتها السياسية وربما فساد بعضها وتدهور أخلاقيات قيادات شركاتها وبنوكها الكبرى.
كلنا نتمنى أن تنجح جهود الرئيس أوباما في تحقيق الاستقرار في المنطقة. وأمريكا، ومعها بريطانيا، تتحملان مسؤولية إنسانية وأخلاقية مباشرة بسبب سياساتهما وتدخلاتهما المباشرة في الشرق الأوسط منذ مطلع القرن العشرين، حيث أدت هذه التدخلات إلى عديد من الحروب والمآسي الإنسانية التي جعلت المنطقة ميداناً مفتوحاً لصراع القوى العظمى.
ولأننا نسعى إلى أن نكون جزءا من الحل الذي يساعد أمريكا، لذا تتطلع القيادات والشعوب في المنطقة إلى الزيارة التاريخية، والرئيس الأمريكي موضع ثقة القادة في المنطقة، وهذا الدعم المعنوي والسياسي الذي يقدم للرئيس الأمريكي من القادة والشعوب في المنطقة لعله يستثمره بإنجاز مشروع تاريخي للسلام.
وإذا أنجز أوباما هذا المشروع فإنه سيعود بأمريكا إلى مبادئها العظيمة التي كانت تؤمن بها في مطلع القرن العشرين، بالذات مبدأ حق تقرير المصير للشعوب.
نتمنى للرئيس النجاح في مشروعه، وندرك خطورة ما يقدم عليه، واللوبي الصهيوني لن يمرر مساعيه هذه من دون أن يجعله يدفع الثمن.