الإفساد في الأرض
في الحلقة التي صدرت قبل المقالة الأخيرة أشرت إلى خطورة سُميات (البلاستيك) على حياتنا وأشبعنا الموضوع تفصيلاً بأنواع البلاستيك الخطير والأقل خطراً والصديق للبيئة وأشرنا في الخلاصة إلى أهمية التخلص تدريجيا من كل أنواع البلاستيك، لأننا لا نأمن الشركات التي تنتج البلاستيك، وقد يختلط البلاستيك الخطر بالأقل خطراً، وعلينا أن نشمر عن السواعد ونستبدل البلاستيك تدريجياً بالأدوات والوسائل الكثيرة المتوافرة والصديقة للبيئة مثل أوعية الزجاج الصيني والفخار والمعدن والسلال والقفف المصنوعة من منتجات النخيل والقصب... إلخ وعلى الراغبين في المزيد من المعلومات عن خطر البلاستيك وللاطلاع على الصور الملونة لأنواع البلاستيك الصديقة للبيئة عليهم الرجوع للموقع في (الإنترنت) www.mehbarah.com. كما أشرنا إلى عاقبة التبذير والإسراف في الطعام والشراب وما يتخلف عن ذلك من أطنان القمائم الهائلة التي تساعد على انتشار الذباب والحشرات والفئران ويزداد تلوث البيئة، أما في الحلقة السابقة فقد تحدثنا عن كوكب الأرض الأنيق الجميل بما خلق الله تعالى وأبدع من الحسن والجمال إلى الخيرات العميمة واستخلف عليه الإنسان فحق على الإنسان ألا يترك أثراً يسيء للبيئة بل عليه أن يكون عامل بناء وإصلاح وصيانة للبيئة وألا يمل ويكل فلكل مجتهد نصيب، وما دام أن الله تعالى أغدق علينا كل تلكم النعم وأبدع في بناء الأرض والتوازن البيئي بين المخلوقات لتستمر الحياة جميلة ويسعد بها الإنسان وما حوله من الكائنات، لكن إذا أفسدنا في الأرض ولم نكترث ولم نحرص على الإصلاح وأخذنا بأيدينا نلوث الهواء فتمطر السماء مياها حمضية وتتحول المياه إلى سوداء تتلف الزرع والضرع وتهيج البحار فترتفع الأمواج كالجبال وتتحول الرياح إلى ريح صرصر تهلك الحرث والنسل ويتحول الهواء العليل إلى عواصف رملية وتهتز الأرض تحت أقدامنا وتختفي تلك المناظر الجميلة الخلابة وراء ذلك الغبار الكربوني البشع، وها نحن نسمع ونحس بقافلة الأمراض شديدة الانتشار (جنون البقر، حمى الوادي المتصدع، إنفلونزا الطيور، حمى الضنك، وإنفلونزا الخنازير) وما خُفي كان أعظم، ولا ندري عمّا خلف الأفق وما يخبئه القدر! وكل تلكم الأمراض هي من جند الله المجندة الذي يرسلها الله تعالى على من أفسد في الأرض وعاث فيها وقد تصيب الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة لكن العاقبة للمتقين، ولعلي برسالتي هذه أذكر نفسي وإخواني القراء بأهمية الحفاظ على التوازن البيئي وعدم الإسراف والتبذير في الصيد وقلع الأشجار ابتغاء الحطب، وقد علمت عن كثير ممن يصطادون (الضبان) بكل الطرق الهمجية، ومن المؤكد أنه لو استمرت هذه الطرق البشعة فسينقرض الضب من بلادنا كما انقرضت حيوانات كثيرة، وأحدث كل الإخوة المواطنين للمساهمة بالقول والعمل والدعوة لإنقاذ البيئة من التلوث بكل إصرار ومحبة وحكمة، وأرجو من الجهات الحكومية المسؤولة عن الرصد وحماية البيئة ألا تكل ولا تمل في تحقيق أعلى المستويات وألا ترحم من ثبت فساده وتلويثه للبيئة فإن ما يدرك بالسلطان لا يدرك بالقرآن، وفي الحلقة المقبلة (71) نكمل ما تبقى.