"الأرامكيون" فخورون ويحق لهم .. ماذا عن الشركات الأخرى؟
لم يتكلم ليثني على سنوات قيادته لـ "أرامكو", ولم يتكلم ليدافع عن تلك السنوات, تكلمت الخبرة عن واقع الطاقة ومصادرها وإنتاجها وتطويرها واستغلالها في خدمة البشرية واحتياجاتها المتزايدة. تكلم عن دور المملكة المؤثر في استقرار الأسواق العالمية بشكل يفيد نمو الاقتصادات على اختلافها والاستفادة من توافر الطاقة اللازمة دون أن تقصم كاهل أي اقتصاد. كان زائراً لجامعة مانشستر التي سعدت باستضافته ليثري التبادل الفكري عن قطاع الطاقة ومستقبلها في العالم. لم يوافق على الدعوة لكي يلقي كلمته هذه من أجل هذا السبب فقط, بل كان أهم دوافعه للترحيب بدعوتي له هو مقابلة الشباب السعودي من ذكور وإناث الدارسين والموجودين في مانشستر. أتى الطلبة السعوديون من مناطق بعيدة عن مانشستر وكان حضوراً رائعاً. كانت الغالبية منهم مبتعثون من قبل شركة أرامكو وكانت السعادة واضحة على وجوههم!
عبد الله جمعة شخصية سعودية فذة ذات خبرة طويلة كبيرة جدا, لم يجذب حضوره الطلبة والأكاديميين فحسب بل جذب مديري الشركات من أنحاء مختلفة من بريطانيا. كان يوما رائعا وجميلا, فزائرنا الكريم لم يكن متلبسا بثوب الرقي عن الآخرين ولم يدع مكانته العالمية تعوق تفاعله مع الحضور, كان متواضعا مرحبا بالأسئلة, مسهلاً استقبال الحضور لمعلوماته الحديثة والمعاصرة. من أجمل ما تكلم عنه هو المتطلبات التي يجب أن يمتلكوها لكي يجعلوا من منظماتهم منظمات ناجحة قادرة على المنافسة بفضل الثقافة التي نجح المديرون في إنشائها وتطويرها والتي ينبع منها قدرة المنظمة على التكيف والتنافس بشكل متميز عن مثيلاتها. في هذا الصدد سئل ضيفنا الكريم عن أهم شيء عمل على تطويره في منسوبي "أرامكو" من عاملين ومديرين في فترة عمله بها. كان جوابه أن يخلق لديهم المقدرة على الافتخار بأنهم من منسوبي شركة أرامكو, افتخار محسوس وملموس, ينبع من الذات لما تلمسه من الشركة وليس مفروضا, فالافتخار لا يفرض!
حقيقةً أنا أتفق معه, فالغالبية ممن قابلتهم واحتككت بهم من منسوبي "أرامكو" مميزون عن غيرهم في الشركات السعودية بوجود هذا الافتخار لديهم وبحضور "ثقافة أرامكو" فيهم التي تميزت بها وميزت بها منسوبيها. نجاح الشركات يا سادة لا يدوم من دون ثقافة متأصلة في كل ذات الشركة وأهم ما يميز شركة أرامكو تميزها الإداري, فلا نجد فيها ما نجد في الشركات الأخرى السعودية من مستويات عالية للمحسوبية أو تشتت في الاتجاه أو عدم القدرة على توحيد الخطوات في داخل هذه الشركات على مواجهة المستقبل. حدثني أكثر من مدير تنفيذي سعودي عن عدم وفاء وإخلاص منسوبيهم من مديرين وعاملين لشركتهم!! اعتقد بعضهم أن تدريبهم على أن يكون أكثر أمانة وإخلاصا سيجعلهم أكثر إخلاصا ووفاء لشركتهم!! التدريب وحده لا يفيد, فإذا ما كانت الثقافة التي تنشأ على مدى سنين طويلة موجودة في أي شركة فإن التخبط والاختلاف في التوجه ستكون مميزة لهذا الشركات.
"الافتخار" علامة مميزة تدل على وجود ثقافة صحيحة في أي شركة, إلا أنه من الصعب تحديد أو تمييز الثقافة التي تمتلكها الشركات والمنظمات السعودية, هل سأل المديرون التنفيذيون أنفسهم عن عامل أو عوامل الافتخار لدى منسوبيهم التي تشجعهم على العطاء للشركة بشكل أفضل وأكبر؟ إن كنت موظفا أو مديرا في شركة سعودية فما عامل الافتخار الرئيسي الذي تشعر به كأحد منسوبي هذه الشركة؟ إن لم تقدر على وجود سبب واحد للافتخار فأنت في المكان الخطأ!!
كان مبتعثو "أرامكو" فرحين بمقابلة عبد الله جمعة في مانشستر لأنهم فخورون بانتمائهم لها حتى من قبل أن يعملوا فيها!! وهذا له دلالة.