العقل العربي و(العدو الصهيوني)
كان العرب يسمونهم ": العدو الصهيوني" ثم العدو ثم العدو الإسرائيلي ثم إسرائيل، وأخشى أن يأتي اليوم الذي يسمونهم فيه إسرائيل الصديقة!!
ويمثل تغيير المسميات عبر السنوات التي أعقبت احتلال (العدو الصهيوني) لفلسطين تغيرا في الفكر والعلاقات العربية معهم حسب تطور هذه العلاقات، مع اختلاف أيضا في التسميات من دولة إلى أخرى، ومن جهة إعلامية معينة حسب انتمائها – أي الجهة الإعلامية - إلى دولة أو منظمة.
فلا يزال عدد من المطبوعات العربية متمسكا بالمسمى الأول وهو (العدو الصهيوني) بينما خففته بعضها إلى العدو الإسرائيلي وتناقلت الأخرى المسميات بينما نطقت أخرى باسم معين وعادت بعد أشهر أو أيام إلى الاسم الأول، في دليل على التناقض والازدواجية العربية.
وتلعب المعارك بين الطرفين واعتداءات العدو الصهيوني دورا في العودة للاسم الأول ثم تخفيفه بعد انتهاء المعارك، كما أن اتفاقيات ومبادرات السلام مثلت انقلابات في هذه التغييرات، فقد بدأ التغيير الأكبر بعد اتفاقية كامب ديفيد التي تم التوقيع عليها في 17 كانون الأول (ديسمبر) عام 1978 ثم أعقبتها مبادرات ومؤتمرات واتفاقيات أخرى لعل أبرزها مؤتمر مدريد للسلام في تشرين الثاني (أكتوبر) من عام 1991 واتفاق أوسلو الذي تم توقيعه في 13 أيلول (سبتمبر) 1993.
نحن متناقضون ومتقلبون في تعاملنا مع بعضنا بعضا، فكيف نكون حين نتعامل مع عدو شرس أثبتت الأيام أنه يستغل أي خلاف بيننا وأي تناقض أو ازدواجية في الفكر العربي لينقض على مواطن الضعف فيبدأ في نهش الجسد العربي الذي سلمناه له بكل تناقضاتنا وازدواجياتنا.
إن الغزوات التي يقوم بها العدو الصهيوني علينا كعرب أو مسلمين ليست غزوات مادية على الأرض فقط، وإنما فكرية أيضا، فالهجوم على العقل العربي والإسلامي مستمر لا ينقطع منذ أن بدأ الصراع بين الطرفين، وقد نجحت إسرائيل في هجماتها، وأحد أدلة هذا النجاح هو تغيير المسميات التي عاشها الفكر العربي خلال مشوار هذا الصراع.