أول 100 يوم في حياة مسؤولينا

الأسبوع الماضي انتهى أول 100 يوم في حياة الرئيس الأمريكي الجديد, وقبل حلول هذا الموعد أخذت وكالات الإعلام وغيرها من الجهات في تقييم إنجازات الرئيس الذي انتخبه الشعب, وشمل هذا التقييم حصر نسبة الوعود المحققة التي تم تقديمها خلال حملة الانتخابات خلال الـ 100 يوم الأولى، كما شمل التقييم قياس شعبية الرئيس خلال هذه الفترة ومقارنتها بشعبيته عند انتخابه. وأشار استطلاع مشترك لصحيفة "واشنطن بوست" وشبكة "آي بي سي" إلى أن أوباما يحظى بتأييد أكبر من أسلافه منذ 30 عاما, أي منذ عهد جيمي كارتر، وخلال الـ 100 يوم الأولى تمكن الرئيس من تحقيق إنجازات في مقدمتها الحصول على موافقة الكونجرس على الميزانية وخفض الضرائب على الدخل ومنح أفضلية الإنفاق لبرامج الرعاية الصحية والبنية التحتية والتعليم وتخصيص 275 مليار دولار لحماية البيوت من المصادرة و100 مليار دولار لإنقاذ البنوك, وأرغم كبرى شركات السيارات GM على الاختيار بين طرد الرئيس أو إعلان الإفلاس, ووقع عددا من المراسيم والمذكرات أكثر من أسلافه, ورفع حظر تمويل بعض الأبحاث. وعلى صعيد السياسة فقد أعاد الصياغة بين الحكومة والمجتمع وبينها وبين قطاع الأعمال, وفي مجال الأمن القومي أصدر أمره بإغلاق معتقل جوانتنامو وشكل لجنة لمراجعة ملفات السجناء والبت في أمرهم, كما أبقى الحوار مع إيران مفتوحاً وأعلن الانسحاب من العراق بنهاية 2011 ومنع التعذيب والممارسات غير الأخلاقية ضد المتهمين. كما وجهت له انتقادات على بعض ما قام به من أعمال مثل تخفيض ميزانية وزارة الدفاع ومصافحة شافيز وتغيير حظر السفر إلى كوبا وفتح صفحة جديدة مع المسلمين وما سماه الناقدون "الركوع أمام ملك السعودية".
لقد كان هناك حرص شديد من قبل وسائل الإعلام ووسائل استطلاع الرأي العالمية على متابعة ما قام الرئيس بإنجازه خلال الـ 100 يوم الأولى, بل إن البعض كان يعمل على متابعة ما ينجز كل يوم، وهذا المفهوم هو أمر يحتاج إليه المسؤولون لدينا اليوم، ففي الأساس كل مسؤول يراقب الله في عمله وإنجازه قبل أي شيء آخر، كما أن تقييم الرأي العام لهذا العمل وتقديمه للجمهور وتعريف الناس بما حققه من إنجاز وما أخفق فيه من مهام منذ تكليفه بمهامه وتسلمه مسؤولياته وتحمله الأمانة تسهم في قيام بعض المسؤولين بإعادة النظر في أسلوب بدء أعمالهم، ولو تأملنا ما يقوم به بعضهم خلال الـ 100 يوم الأولى لوجدنا أن كثيراً منهم يركز على الأمور الثانوية, أو كما يحب أن يطلق عليه البعض إعادة ترتيب الوضع الداخلي, فيبدأ بإعادة الهيكلة وتغيير المسميات وإعادة تشكيل اللجان وإعداد وتجهيز فريق عمل جديد غير الفريق السابق ونقض معظم ما كان موجودا في السابق ووضع الرؤية والرسالة والأهداف والخطة الاستراتيجية وغيرها من الشؤون الإدارية التنظيمية, فضلاً عن إعادة تنظيم المكتب والديكور الخاص به وغيرها من الأمور المتعلقة بالأثاث والنواحي التكميلية, إضافة إلى تلبية الدعوات المتعلقة بالاحتفاء بالمنصب الجديد وتسلم الهدايا وقراءة ما في الصحف من إعلانات للتهنئة بهذا المنصب, والبعض يلجأ إلى الإسراع في عملية التغيير والتطوير دون التفكير فيما إذا كان الوضع القائم يمكن الاستمرار فيه خلال الفترة الحالية أم لا ليظهر للناس دوره، كما أن البعض يسعى إلى الإسراع في إظهار نتائج عمله التي قد يكون بعضها يتعلق بجهازه الإداري في حين أن الجمهور ينتظر النتائج التي ترتبط باحتياجاته اليومية وواقعه العملي وقضاياه التي يعانيها, وينتظر بفارغ الصبر القرارات القوية التي تسهم في قتل الروتين وإسراع إنجاز المعاملات والتسهيل على المواطنين والتخفيف عنهم في شؤون حياتهم.
إن مبدأ المتابعة والتقييم والمحاسبة على الإنجاز من قبل الرأي العام بصفة دورية هو مبدأ نحتاج إلى أن نجعله جزءا من ثقافتنا وأن نعمل على نشره فيما بيننا حتى يسهم في تقديم صورة واضحة عن المسؤولين ومستوى أدائهم خلال فترة عملهم, ما يسهم في تحسين وتطوير أداء المرافق المختلفة التي تتبع لهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي