يتطلع حالياً العديد من كبار تجار التجزئة في العالم، مثل وول- مارت Wall-Mart، كارفور Carrefour، وتسكو Tesco، إلى قطاع التجزئة الهندي. ومع عدد السكان الذي يصل إلى مليار نسمة، ووجود طبقة وسطى متنامية، فإن الهند تحمل الكثير من الوعود. غير أن أستاذ التسويق في إنسياد، بادي بادمانابهان، يقول إن الهند سوق فريدة، وسيواجه اللاعبون الأجانب عدداً من التحديات.
يقول بادمانابهان: "إذا نظرت إلى السوق وإلى حيث توجد فرصة للنمو، فإن الصين كانت تملك ذلك قبل بضع سنوات، غير أنه لا يوجد الآن أي شيء يماثل هذا الحجم الكبير للهند". ويضيف أن الهند تملك آفاقاً عظيمة. ويقول: "إذا نظرت إلى التوزيع الجغرافي، فإن سكان الهند ما زالوا في سن فتية للغاية، والاقتصاد ينمو، ويتم توظيف هؤلاء الأشخاص، ويملكون فرصاً أفضل... وسيكون هؤلاء قاعدة المجتمع الاستهلاكي في الهند، والفرصة كبيرة جداً".
وتمثل الهند أيضاً سوقاً تعد فيها تجارة التجزئة غير المنظمة هي القاعدة, إذ إن معظم المتاجر يديرها الآباء والأمهات، أما المتاجر ذات الأقسام المتعددة فكانت قليلة ومتباعدة. غير أن كل ذلك يتغير. ويقول: "لو أنك ذهبت إلى الهند في بداية الألفية، فسترى في المدن الكبيرة مجموعة من المتاجر المجمعة، وربما مركزين تجاريين معزولين، ولكن فيما عدا ذلك، هنالك عدد قليل جداً من سلاسل المتاجر المجمعة تضم طوابق متعددة داخل المدينة، فما بالك خارج المدينة. وبناء عليه، فإنها ظاهرة محلية، وما هو مشوق في هذا المعنى هو أنك إذا نظرت إلى الطريقة التي تنمو فيها الأشياء، فإن المتاجر المجمعة المتعددة ستكون أحد الأشكال التي ستنطلق وتكون ناجحة للغاية في الهند".
ينظر كارفور وتجار التجزئة الآخرون في العادة إلى الأسواق المتطورة والمفرطة النشاط، ولكن على النقيض من الوضع في البلدان الغربية، فإن هذه الأسواق في الهند يجب أن تتمركز داخل المدن، وليس في ضواحي المناطق المدنية، وذلك سيفرض المشكلات من حيث إيجاد الموقع المناسب. يقول بادمانابهان: "يملك الأشخاص سيارات، لكن الأمر بمثابة كابوس لدى القيادة جيئة وذهاباً". ويضيف: "لذا، إذا كنت تتطلع إلى افتتاح متجر كبير في المدينة، ستواجه العديد من القيود، فضلاً عن توافر الحيز والموقع، والتنظيم، ومثل تلك الأمور". وبناء عليه، ستفرض الهند تحديات فريدة بالنسبة لتجار التجزئة مثل كارفور أو وول مارت.
ويقول بادمانابهان: "إن ما تتعلمه في تجارة التجزئة هو أنها محلية دائماً. لذا فإن التحديات في تايلاند تختلف كثيراً عن تلك الموجودة في ماليزيا". إن التحديات في الهند ستكون كيفية اختيار مواقع المتاجر, حيث يضيف قائلاً: "إذا نظرت إلى كارفور أو تسكو، وتنظر إلى البلدان الموجودة فيها، فإن أكثر من 90 في المائة مما تبيعه كل منهما هو محلي، وبناء عليه، فإن مسألة أن يكون المتجر محلياً هو المفتاح الرئيسي".
أما اللاعبون المحليون مثل ريلاينس Reliance فإنهم يتوسعون فعلياً بشكل عنيف إلى قطاع التجزئة، ويعتزمون الحصول على مواقع رئيسية لمنافذهم. وبهذا الصدد يقول بادمانابهان: "أعتقد شخصياً أن ذلك ما سيفعله هؤلاء القوم، قبل أن تأتي هذه الشركات الأجنبية، وهو استغلال ميزة المتحرك الأول، ومحاولة الاستفادة منها بسبب قيمتها. إنهم فعلياً عدائيون للغاية في دفع هذا الأمر، على الأخص فيما يتعلق بالمواقع. لقد حصل هؤلاء الناس على مواقع لتجارة التجزئة زيادة عما يحتاجون إليه، وبشكل يتجاوز مشاريعهم الخاصة، والسبب جزئياً هو التأكد من إمكانية وصولهم إلى تلك المواقع، لأن ذلك الأمر، يشكل أحد العوامل الرئيسية في هذه الأسواق.
يقول بادمانابهان: "بناء عليه، حتى إذا جاء وول – مارت وكارفور، فإن أعمالهما ستتوقف، محاولين الحصول على مواقع". كما يعمل تجار التجزئة المحليون بقوة لتطوير سلاسل إمداداتهم. حيث يقول بادمانابهان: "سيكون هؤلاء الأشخاص متطورين جداً، وأناساً أذكياء، وسيكون من الصعب التنافس معهم. لن تقول إن الاحتمالات ستكون لصالح وول- مارت أو كارفور... لأن تاريخ هؤلاء اللاعبين لدى تغلبهم على تجار التجزئة المحليين الأقوياء ليس تاريخاً جيداً"، حيث يشير بادمانابهان إلى كوريا، حيث يجب على كارفور ووول- مارت التراجع.
أما فيما يتعلق بقطاع تجارة التجزئة في الهند، يقول بادمانابهان إن "ما نشهده هي الخطوات الأولى فقط". وينبغي أن تكون السنوات الخمس إلى العشر التالية شائقة، كما يضيف: "إن ما تشهده الآن هم أشخاص يستخدمون رهاناتهم، ويمثل ذلك إشارة إلى العمل التالي، الصراع الرسمي إذا أردت".