ليس سراً أكشفهُ هنا أن سوق الأسهم المحلية ستكون مشرعة الأبواب في المستقبل القريب أمام الاستثمارات المؤسساتية الأجنبية! وليس محالاً توقع أو تقدير أثر ذلك الدخول العملاق على السوق والاقتصاد! كما أن ما سبق، ليس فقط ما سنراه قريباً يتحرّك كالسفن العملاقة على مياه سوقنا المحلية. حقيقة القادم من التغيرات الجذرية على واقع القطاع المالي المحلي عموماً، والسوق المالية المحلية تحديداً، له أجندته الداخلية التي نشهد جزءاً من تشكلاتها في الوقت الراهن؛ لعل من أبرزها الجهود المبذولة الآن في اتجاه زيادة أعداد الشركات المساهمة المدرجة، والزيادة المطردة بالتالي في أعداد الأسهم المدفوعة في السوق، والزيادة في منح تراخيص مؤسسات الوساطة المالية، والزيادة في إصدار الأنظمة واللوائح التنفيذية، إلى آخر سلسلة التطورات التنظيمية اقتصادياً ومالياً. أمّا في الخارج فقد بدأت المؤسسات الدولية والصناديق الاستثمارية الضخمة برؤوس أموالها؛ بالتحرّك صوب سوقنا المحلية، وقريباً تحط رحالها المالية الهائلة الحجم في قنواتها المجدية! اقتصادنا اقتصادٌ قائم برمته على أسس الاقتصاد الحر، ولا جديد في هذا؛ إنما الجديد القديم الذي غاب عن أغلب الأذهان، أن انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية له تبعاته التي لا بد من سريان مفعولها يوماً ما، وقد دنا منا كثيراً ذلك اليوم.
وفقاً لما سبق، يحق للجميع دون استثناء البحث المشروع عن أكبر قدر من المكاسب الممكنة في ثنايا ذلك النسيج المرتقب للسوق، كما يحق له وضع الاحتياطات اللازمة لتجنب أية خسائر أو تكاليف محتملة. أصدقك القول أيها القارئ الكريم؛ أنا لست مهتماً كثيراً أو بمعنى أدق قلقاً على مؤسساتنا وشركاتنا المحلية بقدر ما أهتم أو أقلق على المستثمرين في سوقنا، وتحديداً الصغار منهم الذين ذاقوا مرارة الخسائر الفادحة، التي طردت بعضاً منهم إلى سجلات "المطلوبين رقم واحد" لدى البنوك المحلية، والبعض الآخر إلى فقدان مدخراتهم بنسبٍ وصلت من 90 إلى 95 في المائة، والبعض الآخر إلى غياهب المستقبل المجهول! تلك فقط الشريحة من المتعاملين التي أهتم وأقلق عليها، إذ إن بقية الأطراف دون استثناء خرجت من عاصفة انهيار شباط (فبراير) 2006 سالمة آمنة لم تخسر ريالاً واحداً! سواءً كانت شركاتٍ مساهمة أو بنوكاً أو أجهزة، لم تقع الفأس إلا على رأس ذلك المستثمر الصغير، ويمكنك القول المغرر به. لذا، يجب أن يعلم أو يتعلم هذا المستثمر "الضحية" كيف يستفيد من التطورات المستقبلية القريبة، وذاك أمرٌ سهل إدراكه وسهل أيضاً تطبيقه. أطلقتُ هنا نداءً صادقاً من الأعماق إلى صغار المستثمرين أن يتحدّوا في وجه العاصفة في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، أكرره اليوم وغداً؛ مبيناً لهم حقيقة سابعة تُضاف إلى الحقائق الستْ للنداء، التي لخصتها في الحقيقة الأولى: أن عدد صغار المستثمرين في السوق يشكّل الأغلبية التامّة بنسبةٍ تصل إلى 96.7 في المائة. الحقيقة الثانية: أن اتحاد قرارات تلك الشريحة سيحولها إلى القوة الأكبر مما عداها في السوق. الحقيقة الثالثة: أن يستند ذلك الاتحاد إلى مبادئ الاستثمار الصحيحة والسليمة، التي تنظر بعين الاعتبار إلى متانة وملاءة الشركة المالية، وإلى قوة المؤشرات الأساسية لأي شركة على سبيل المثال مضاعف السعر السوقي للعائد، ومضاعف السعر السوقي للقيمة الدفترية، والعائد على السهم، والربح الموزع لكل سهم، ونمو صافي دخل الشركة، والعائد على كل من حقوق المساهمين وموجودات الشركة، إلى آخر المؤشرات الأساسية اللازم أخذها بعين الاعتبار قبل اتخاذ أي قرار بالشراء أو البيع. الحقيقة الرابعة: أن غياب "الرشد الاستثماري" كان الثغرة الخطيرة التي جعلت صغار المستثمرين "لقمةً سائغة" للحيتان والهوامير في السوق، ومن ثم لحق بهم ما لحق من خسائر مريرة ودمار شامل للأخضر واليابس. الحقيقة الخامسة: أن هذا "الاتحاد" سيخلق قوة عملاقة في السوق، تعيد العدالة والمكاسب المفقودة إلى السوق، وتطرد "اللعب والنصب والاحتيال" منه. الحقيقة السادسة: أن الازدهار الاقتصادي الراهن والمتوقع استمراره لفترة طويلة مستقبلاً بإذن الله، كفيلٌ بدعم انتعاش ونماء السوق المالية إذا سارت وفق العقلانية الاستثمارية الرشيدة. وهنا أضيف الحقيقة السابعة: "كن أنت البائع للسهم الذي سيجذب هذا العملاق القادم من وراء البحار"، واعلم أنه لن يأتي إلى هنا لشراء "الخشاش" الذي يستأثر اليوم بأغلب السيولة، بقدر ما أنه سيدفع أعلى الأثمان للأسهم التي أوضحتها لك في الحقيقة الثالثة. أسأل الله أن تتذكر تلك الحقائق دائماً ولا تنسها؛ فأنت الأحق بالتعويض والربح.
