يميل مديرو المشاريع في المرحلة الراهنة، إلى إنجاز مشاريعهم بسرعة أكبر وزمن أقصر، حتى لو تطلب الأمر زيادة الميزانية، طالما أن المشروع المعني لا يزال قادراً على تلبية تطلعات الأطراف المستفيدة لدى إنجازه. وبالطبع، لا يجب أن تتم زيادة ميزانية المشروع من دون ضوابط، وإلا فلن يكون هذا المشروع مجدياً بالنسبة للمالك أو المستخدمين النهائيين.
وتحقيق هذا الهدف المُلِحّ يشكل تحدياً بالنسبة للعديد من المؤسسات لأن فشلها في ذلك يعني بالضرورة فشل مشاريعها. وعليه، فإن مواجهة هذا التحدي تتطلب أولاً فهم "دورة الحياة" التي يجب أن يمر بها المشروع المعني، من أجل ترجمة الأفكار التي خلقت الحاجة إلى تطويره، إلى منتجات وخدمات تلبي هذه الحاجة. ودورة حياة المشروع توضح بالتفصيل المراحل التي يمر بها المشروع ومخرجات كل منها. وهذه المخرجات تتسم بأهمية كبرى ليس لأنها تحدد مدى التقدم الذي تم إحرازه فحسب، بل لأنها تُستخدم في تحديد الاحتياجات التي ينبغي تغييرها أو إلغاؤها تبعاً لمقتضيات السوق. وبالطبع، إن دورة الحياة هذه تختلف حسب طبيعة المشروع والقطاع الذي ينتمي إليه. فمتطلبات إنجاز مشروع بناية، على سبيل المثال، تختلف عن متطلبات تطبيق برنامج إلكتروني، أو إنتاج فيلم سينمائي، أو إجراء عملية جراحية أو غير ذلك.
ولا شك في أن تحديد دورة حياة المشروع يتيح تطبيق ممارسات مثبتة بالتجربة لإدارة جميع العمليات والكوادر البشرية المختلفة، بما يضمن سلاسة التنفيذ والتعاون بين أعضاء فريق العمل. وعادة ما تستخدم حلول إدارة المشاريع والمخاطر لتحديد المسار الاقتصادي الأفضل والأوفر للوصول إلى مخرجات المشروع. ويمكن من خلال هذه الحلول تحليل آفاق المشروع وتطوير جدول زمني وتحديد الميزانية، ووضع معايير الجودة، وتشكيل فريق العمل، وتوضيح خصائص المشروع، ومعالجة المخاطر وإدارة العلاقات مع الموزعين والبائعين.
وتنبع أهمية تطوير هذه الخطة الاقتصادية من أنها تتيح لصانع القرار المقارنة بين حجم التكلفة ومزايا الجدول الزمني لإنجاز المشروع، من أجل معرفة إمكانية المقايضة بين هذين العاملين. فقد يصبح صاحب القرار أقل اهتماماً بمسألة زيادة الميزانية المقررة للمشروع، إذا ما كان إنجازه في وقت مبكر من الموعد المحدد في الجدول الزمني، سيحقق فوائد إضافية. فقرار اختيار المشروع المعني وإنجازه، قد اتخذ في المقام الأول، بناء على الفائدة التي يمكن أن يحققها مقارنة برأس المال المستثمر فيه. وقد تتجلى فوائد الإنجاز المبكر للمشروع، من خلال الفوز بالمنافسة وإحراز قصب السبق، واغتنام الفرص الملائمة، وخفض تكاليف إدارة المشروع، وتحديد الموارد المناسبة، وتحقيق عائد في موعد مبكر مما هو مقرر في الجدول الزمني، والوفاء بالوعود المهمة، وغير ذلك.
واختصار دورة حياة المشروع يمكن أن يتم من خلال تسريع العمل عبر مزامنة مراحله، وزيادة عدد الكوادر، ودفع أجور ساعات العمل الإضافية، والاستعانة بمصادر خارجية لدعم الكوادر الداخلية، وتعهيد جميع نشاطات المشروع، وتسريع عمليات الشحن أو الخدمات. ومن شأن مثل هذه الخطوات أن ترفع تكاليف ومستوى مخاطر المشروع ولكنها في المقابل تختصر الوقت. وفي هذه الحال، يجب على صاحب القرار أن يحدد إلى أي مدى يمكن اختصار الزمن حتى تُسْتَحَقّ هذه التكلفة الإضافية.
