قصة اعتقال عمر بن عبد العزيز ودفنه حيا

قصة اعتقال عمر بن عبد العزيز ودفنه حيا

[email protected]

كان ذلك في زمن الوليد بن عبد الملك،حين أحضر إلى مجلسه رجل من الخوارج مهدد بالموت، فنظر إليه الوليد وسأله بعد أن أعده للقتل مجموعة من الأسئلة لا ينجو منها؟
ما تقول في أبي بكر؟
قال: صاحب النبي في الغار وثاني اثنين إذ هما في الغار.... رحمه الله وغفر له..
سأله من جديد: فما تقول في عمر؟
أجاب: هو الفاروق... رحمه الله وغفر له..
سأله: فما تقول في عثمان؟
أجاب: كانت سنوات قليلة من حكمه التي حكم فيها فعدل!! (ملازماً للعدل)
وهنا جاء السؤال القاتل؟ فما تقول في مروان بن الحكم؟؟(جده)
أجاب الخارجي بدون تلعثم: "لعن الله ذاك"
تمالك الوليد نفسه فسأله؟ فما تقول في عبد الملك (وهو هنا والده؟)
أجاب: ذلك ابن ذاك لعن الله ذاك!!.
اقترب في السؤال أكثر: فما تقول فيّ؟
أجاب بدون تردد: هو ولد الاثنين (بني ذينك) وأنت شر الثلاثة..
وكان في المجلس عمر بن عبد العزيز وخالد بن ريان (والأخير من جلادي الوليد).. فالتفت الوليد وقال لعمر بن عبد العزيز: يا عمر لقد سمعت ما قاله الرجل فماذا تقول؟؟
أجاب عمر بهدوء: يا أمير المؤمنين ما أحد أعلم بهذا منك، وأنت أعلى به عينا!!
فاشتد الوليد في السؤال وقال: إلاّ قلت لي بصراحة ما رأيك؟؟
وكان يريد أن يصل لقرار قتل الرجل بالآراء المحيطة به..
ولكن عمر خذله وقال: إن كنت مصرا على رأيي فأقول سب أباه كما سب آباءك.. وإن تعفو أقرب للتقوى .. فأحرج الوليد وقال: ليس إلا هذا.. فعلق عمر وقال بجرأة: " لا يا أمير المؤمنين إلا أن تدخلك جبرية ، فأما الحق فليس إلا هذا" أي ليس من حقك قتل الرجل من أجل كلمة نطقها..
ثم التفت الوليد إلى خالد بن الريان وألف علامة غيظ تنفجر من وجه الغضبان، فلما انصرف؛ قال (خالد بن ريان) لعمر والله لقد نظر إلي نظرة وكأنه يريد قتلك؟؟ قال عمر: وهل كنت قاتلي؟؟ قال: نعم بدون تردد وبأمر الخليفة؟ قال عمر كان شرا لكما أنتما الاثنان وخيرا لي ...
فلما انصرف عمر سالما لزم بيته أياما فلم يدخل قصر الخليفة، أما الوليد فقد رجع إلى زوجته أم البنين بنت عبد العزيز وكانت أخت عمر، فقال لها: أخوك الحروري (يقصد خارجي لأنه نطق بالعدل فنصر المسكين) والله لأقتلنه.
وبعد عدة أيام جاءه رسول الوليد فدعاه، فلما دخل القصر انتحوا به جانبا، وقالوا من هنا يريد الخليفة رؤيتك، فأدخلوه غرفة، ثم أحكموا رتاج الباب، ثم طينوا الباب، فتحول الحبس إلى مدفن فعلي.
وهنا بدأت أخته في البحث عنه فلم يدلها. على مكانه إلا (خصي)، والخصيان كانوا بين الحريم يعملون مخابرات وجواسيس في القصر، ويقودون الانقلابات.
دخلت زوجة الوليد عليه وناشدته الرحم ثم سقطت على وجهها أمامه وقبلت يديه وطلبت الرحمة في أخيها، فنظر إليها بغضب، وقال اذهبي إليه فقد أطلقته، وعسى أن يكون حيا يرزق، فلما دخلوا الغرفة وخلعوا الطين كان في الأنفاس الأخيرة منثني العنق ينازع..
ثم دارت الأيام دورتها فهلك الوليد ثم أخوه سليمان ثم استقر الأمر لعمر بن عبد العزيز فجاء خالد بن ريان يوم خلافته متقلدا سيفه، فقال له عمر: يا خالد انطلق بسيفك هذا (وكان سيافا كما علمنا مهمته قطع الرؤوس على الكلمة) فضعه في بيتك واقعد فيه فإنا لا حاجة لنا فيك.. أنت رجل إذا أمرت بشيء فعلته لا تنظر إلى دينك..
فلما انصرف خالد نظر عمر في قفاه فقال: اللهم يا رب إني قد وضعته لك فلا ترفعه أبدا.. فما لبث جمعة إلا وضربه الفالج فلم يعالج فقتله..

الأكثر قراءة