400 مليون ريال مقابل 30 درجة

[email protected]

لم أصدق عيني وفركتهما عدة مرات وأنا اقرأ هذا الرقم من ملايين الريالات البالغ 400 مليون ريال، انتظرت عدة أيام لعل الأستاذ صالح عبد العزيز الحميدي مدير عام الشؤون الإدارية والمالية في وزارة التربية والتعليم يخرج علينا في الصحف ينفي هذا الرقم ويقول إن الصحيح أربعة ملايين أو أربعون مليونا على أقصى تقدير، لكن النفي والتصحيح لم يحصلا، مما يعني أن اختبارات الثانوية العامة للبنين والبنات لنهاية الفصل الثاني وهي الاختبارات المركزية تكلف خزانة الدولة ما يقارب نصف مليار ريال. كل هذا المبلغ مقابل 30 درجة هي حصيلة الاختبارات المركزية، لأن الطلبة والطالبات سبق أن حصلوا على 70 درجة من مدارسهم من خلال اختبارات لم تكلف الدولة ريالا واحدا. من يدقق في هذا المبلغ الكبير جدا يرى أن هناك مبالغ وتبذيرا شديدين. ونحمد الله أن هذه الاختبارات المركزية ستلغى العام المقبل. قمت بعدة عمليات حسابية لهذا المبلغ الضخم وقسمته وضربته وطرحته في عدد العاملين في لجان النظام والمراقبة البالغ عددهم 60 ألفا، ومكافآتهم التي تقارب 90 في المائة من رواتبهم وانتدابات مديري التعليم ورؤساء أقسام الاختبارات لتسلم الأسئلة من الوزارة وتسليمها إلى المدارس ومكافآت من يضع الأسئلة وطباعتها وتغليفها والعاملين عليها في الوزرة ورغم، كل هذا لم تصل النتيجة عندي إلى 400 مليون ريال. أنا لا أتهم أحدا ولكن أقول إن هذا المبلغ الضخم الذي يوازي قيمة عقد إنشاء مبنى وزارة التربية والتعليم الجديد ويكفي لبناء أربعة مستشفيات جديدة سعة كل واحد 100 سرير، كما يكفي هذا المبلغ لتوظيف 11 ألف شاب براتب شهري ثلاثة آلاف ريال لمدة سنة كاملة. كما يكفي لبناء 133 مبنى مدرسيا قيمة كل مبنى ثلاثة ملايين، وعلى ذلك فلنقس كم من المشاريع سنبني وكم من الشباب سنوظف وكم من الفقراء والمحتاجين سنسد حاجتهم بهذا المبلغ الضخم الذي لا جدوى من وراء صرفه إلا 30 درجة كان بالإمكان أن يُترك للمدرسة أمرها كما تُرك لها أمر منح 70 درجة، لكنه النظام العقيم الذي ليس له من جدوى إلا استفادة هذا الكم الكبير من المصححين والعاملين والأساتذة ومديري التعليم ورؤساء الاختبارات من هذه الملايين التي كان غيرهم أولى بها. تشكو المدارس من سوء التكييف وبرادات الماء وتعطل آلات التصوير وتشقق السقوف ونزول الأمطار على الطلاب ونقص المعدات الكتابية من أوراق التصوير إلى أظرف الرسائل إلى انعدام الأدوات والأجهزة الخاصة بالتربية الرياضية وصولا إلى المباني المستأجرة في كل مدينة وقرية. وشكوى المدارس تقابل برد الوزارة أن هناك نقصا في الميزانية والاعتمادات المالية. إن احتياجات المدارس والطلاب الضرورية أهم من تبذير هذه المبالغ والملايين الطائلة على اختبارات نهاية الفصل الثاني للثانوية العامة. حقيقة لا يزال يراودني الشك أن الرقم (400 مليون) غير صحيح وأتمنى أن يكون شكي في محله. لأنه مبلغ مبالغ فيه فضلا عن أن محور العملية التعليمية وهو الطالب لا يستفيد منه بل هو أكثر المتضررين من هذه الأسئلة المركزية التعجيزية في بعض المواد والنتيجة لا قبول في الجامعات والمعاهد والكليات ولا وظائف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي