كنا فيما مضى عندما نسمع كلمة حقيبة يتبادر فوراً إلى أذهاننا حقيبة السفر ، لكن في الآونة الأخيرة بدأنا نلحظ شيوع استخدام كلمة حقيبة في مجالات عديدة، إن مفهوم الحقيبة portfolio متنوع بتنوع مجالات استخدامها، فعلى سبيل المثال ،تستخدم كلمة حقيبة في مجال الإدارة والتسويق لتعبر عن الحقيبة التي تحتوي على مجموعة من المنتجات والمشروعات والخدمات التي تقدمها المنظمة، أما في مجال السياسية فيقصد بها خطة العمل وأولويات العمل والمهام الخاصة بالمرشحين لوظائف وزارية وقيادية ، وفي مجال التدريب تستخدم الكلمة نفسها للدلالة على الحقيبة التي تكون على شكل ملف وثائقي يحتوي على بيانات تفصيلية ووثائق عن البرنامج التدريبي سواء كانت في مرحلة ما قبل التنفيذ أو في مرحلة التنفيذ ومرحلة ما بعد التدريب، ولذلك نجد أنه يمكن أن تكون هناك حقيبة تدريبية للمدرب وحقيبة تدريبية للمتدرب، وحقيبة ثالثة لإدارة التدريب . ولا يقتصر استخدام الحقيبة على مجال التدريب والإدارة ، ففي مجال الفنون والعمارة تستخدم أيضاً كلمة الحقيبة لتدل على الملف الذي يحتوي على صور لإنجازات الفنان البارزة وعينات ونماذج من أعماله السابقة وقصاصات من الصحف ،ومرئيات وانطباعات الآخرين حول إنتاجه الفني. وفي مجال التربية أيضاً تستخدم الحقيبة ، حيث تشتمل على وثائق وعينات ونماذج ومنجزات بارزة وخبرات وظيفية ، وقد شاع استخدامها في الدول المتقدمة على نطاق واسع من قبل الطلاب والتربويين على حد سواء، ففي بريطانيا وحدها تمكن ما يقارب أربعة ملايين فرد قاموا ببناء حقائب مهنية من الحصول على شهادات لمزاولة المهنة. مما سبق نخلص إلى أن الحقيبة _ عدا حقيبة السفر- دليل شامل يحتوي على البيانات والوثائق وتسطر فيه مسيرة الفرد العلمية والمهنية والاجتماعية ، وتدعم هذه المحتويات بالأدلة والشواهد الحسية ، وبذلك تكون الحقيبة أكثر فاعلية من السيرة الذاتية في التعريف بمنجزات الفرد وخصائصه الشخصية والمهنية الفرد وإسهاماته وجهوده في تنمية المجتمع.
وانطلاقا من الأهمية القصوى للحقيبة المهنية أقترح أن يكون هناك لكل فرد -سواء كان طالبا أو باحثا عن عمل أو موظفا أو موظفة أو موظفا متقاعدا -حقيبة وثائقية ورقية أو إلكترونية تدون فيها جوانب متنوعة عن مسيرته وطموحاته المستقبلية مثل:
المؤهلات العلمية التي حصل عليها الموظف, التدرج الوظيفي للموظف, الإنتاج الفكري من كتب وأبحاث ومقالات وغيرها, روافد الإثراء المعرفي مثل المؤتمرات العلمية والندوات والمنتديات العلمية التي حضرها, روافد التطوير المهني التي تتمثل في النشاطات التدريبية التي التحق بها أو قام بتنفيذها أو إدارتها، عضوية الجمعيات العلمية والمهنية التي ينتسب إليها,
الأعمال التطوعية لخدمة المجتمع المحلي التي أسهم فيها, خطابات الشكر والدروع التذكارية التي حصل عليها, المهارات الشخصية والسمات والقدرات والاهتمامات العلمية والوظيفية, خطة التطوير الذاتي والمهني في السنوات الخمس المقبلة.
أما عن الجهات التي يمكنها الإفادة من المعلومات المدونة في الحقيبة المهنية فيها فهي عديدة ومنها:
شركات التوظيف وذلك للتعرف على الخصائص الشخصية والمهنية للمتقدمين ، مما يسهل عملية البحث عن الوظيفة المناسبة لهم, إدارة شؤون الموظفين في المنظمة في عملية البحث عن مرشحين لشغل وظائف جديدة تريد شغلها بكوادر من داخل المنظمة، مما يوفر تكاليف البحث والاستقطاب وإجراء مقابلات التوظيف والتدريب للموظفين المستجدين.
إدارات التدريب في مختلف منشآت القطاعين العام والخاص وذلك لتحديد الحاجات التدريبية لمجموعة من الأفراد أو لفئة وظيفية معنية, إدارة شؤون الموظفين للمفاضلة بين المرشحين من العاملين في المنظمة للحصول على مكافآت وحوافز ومادية ومعنوية, مؤسسات العمل الخيري وذلك لإيجاد قاعدة بيانات عن الكوادر التي لديها الرغبة والاستعداد والقدرة على المساهمة بمساهمات فكرية أو إدارية في مجال العمل التطوعي.
كلمة أخيرة : الحقيبة المهنية كنز مفقود فمن يعثر عليه؟ أستاذة في الجامعة العربية المفتوحة