أنهى هواة الصيد بالصقور موسم صيدهم هذا العام، لتبدأ رحلة "المقيض" أو ما يعرف بـ"الربطة" التي تبدأ عادة من 15 آذار (مارس) وتنتهي في 15 تشرين الأول (أكتوبر)، إذ يبقى الصقر داخل مواقع خاصة تعد من قبل مستثمرين في مجال "المقيض" لمتابعته، وتغذيته بشكل يومي من قبل خبير في الصقارة.
وتصل مدة "الربطة" إلى ثمانية أشهر يبدل فيها الصقر ريشه خلال تلك الفترة، حينها يطلق عليه "مصفي" حيث يتجدد الريش بكامله، ويحتاج الطير بعد أن يرمي آخر ريشة "الموسية" إلى 60 يوما حتى يكتمل نمو كامل الريش.
وحول "الربطة" قال عبد الله العقيل أحد الصقارة، والمستثمرين في مجال الربطة و"المقيض"، حيث يملك صالتين مجهزتين بعوازل، وأجهزة تبريد، وأرضيات رملية، أن "الربطة" تكلفه 2500 ريال، ولديه أكثر من 70 صقرا في الصالتين، حيث تم عزل الصقور المعروضة للبيع في صالة منفردة بينما الصقور التي لا تعرض للبيع يتم إبقاؤها بعيدا عن الزبائن، لافتا إلى أنه يتم فحص الطيور من قبل مركز الصقور، حيث يخضع لتحليل دم ويتم تحصينه ضد "الجدرة"، والصرع، في المركز نفسه، وأضاف أن تكاليف العلاج يتحملها مالك الطير نفسه، وحينها يتم ضمه إلى مجموعة من الصقور، مشيرا إلى أن هناك برنامج غذائي للصقر، ومتابعة دورية له، وإضافة إلى العلاج، وتقدم للصقر وجبتان رئيستان، الأولى في السادسة صباحا، والثانية في السادسة مساء.
وأوضح العقيل أن الوجبة تحتوي على حمام، وسمان حي، وجرابيع، مشيرا إلى أنه منذ 15 آذار (مارس) وهو يستقبل الطيور، وعادة يرتبط المستثمر بهذا المجال ارتباطاً كلياً حتى خروج آخر طير من صالة "الربطة".
وقال العقيل حول الضمانات التي يقدمها المستثمر في مجال "ربطة" الطيور: إنه لا توجد ضمانات تقدم لأصحاب الطيور سوى المعاملة الممتازة، وتقديم وجبات طازجة يوميا، فيما لو أصيب الطائر أثناء فترة بقائه في صالة "الربطة" فإنه يتم الاتصال على صاحبه لعلاجه، لافتا إلى أن الموت الذي لا يعد إهمالا من قبلهم أثناء عملية المقيض ولا تترتب عليه أي تعويضات مالية.
من جانبهم، يرى الصقارون أن عدد من يقوم بـ"الربطة" زاد أخيرا، وتتفاوت أسعار صالاتهم، حيث يختلف السعر حسبما يقدم لتلك الطيور من وجبات، وأشاروا إلى أن تكاليف ربطة الطير تراوح بين 850 إلى ألف ريال كوجبات فقط، وتدفع مبالغ إضافية لمرابطة صقار لدى تلك الطيور ومراقبتها وتغذيتها بشكل متوازن، ومعالجة بعض الأمراض والعلل التي قد تطرأ على الطير أثناء وجوده في الصالة.
ويؤكد الصقارون أن 2500 ريال معقولة ومقبولة مقابل بقاء الصقر تحت عناية جيدة. وبحسب محمد النجيدي أحد الصقارين المعروفين، أن وجود من يخدم الطير فترة الأشهر السبعة يعد أمرا مهما لبعض الصقاره الهواة وكثيري الأسفار، لافتا إلى أنها في السابق يتم ربطها عند الزملاء ويتناوب الصقارون على متابعتها. ووجود شخص يعمل في هذا المجال مريح جدا ويحافظ على الصقر، وحول أسعار الصقور قال: أسعارها تتفاوت حسب نوعية الصقر وفعله، مشيرا إلى أن التفريخ أصبح سمة ظاهرة بشكل واضح وبأسعار جيدة نوعا ما.
يشار إلى أن رياضة الصيد بالصقور اقترنت منذ فترة طويلة بواقع العرب القديم، وأصبحت ميزة تراثية وشعبية تميزهم عن غيرهم من الشعوب، إذ تعد هذه الرياضة من مظاهر الفخر والاعتزاز لدى العرب، لكونها تذكي فيهم حب المغامرة وتحدي الصعاب والتغلب عليها، كما تنشأ بين الصقار وصقره علاقة حميمة، تصل حد المبالغة أحيانا، فعشق الصقر يطغى على جزء كبير من اهتمامات صاحبه حتى الشخصية منها، فيعامله معاملة أحد أفراد أسرته المعنيين بالرعاية.
يقول الصقار ملفي مهدي المطيري من أهالي الأرطاوية التابعة لمحافظة المجمعة، إن اهتمامه بالصقر نابع من اجتماع الصعوبة والمتعة أثناء ممارسته هواية الصيد، مبينا أن الصعوبة تتمثل في المتابعة اليومية للصقر، إلى جانب تدريبه والاعتناء به.
ويضيف ملفي المطيري أن نزعة التحدي والمنافسة بين هواة الصقور هي ما يوجه ميولهم واهتماماتهم، فتجدهم يسرون بشكل كبير ويتفاخرون بسرعة صقورهم واصطيادها لأعداد كبيرة من الفرائس وبالأخص طائر الحبارى.
أما الصقار خالد عماش فبين أن حبه للصقور أثر سلبا في اهتمامه بأفراد أسرته، مستشهدا بموعد ابنه في المستشفى والذي تغاضى عنه وأهمله لأنه وفوجئ بتردي الحالة الصحية لصقره، فهم مسرعا باصطحاب الطير إلى العيادة البيطرية، متجاهلا موعد ابنه في المستشفى، وعلل خالد عماش هذه التصرف باهتمامه البالغ بالصقر الذي يفضله على ابنه.