Author

اكتتاب "كيان" ودروس الهيئة العادلة

|
[email protected] لم يكن اكتتاب شركة كيان للبتروكيماويات سريا ولا مغلقا ولا محددا بفئة معينة, بل كان مفتوحا للجميع وبمبالغ كبيرة تصل إلى 20 مليون ريال, بل راعت فيه هيئة سوق المال صغار المكتتبين بأن منحت كل مكتتب (الفرد) بسبعة آلاف سهم وأقل كل الكمية التي طلبها, وهذا يعني أن الفرضية بأن الملكية أصبحت لدى صغار المكتتبين, لكنهم للأسف اكتتبوا بالحد الأدنى أو أكثر قليلا, كما أوضحت بعض الإحصاءات, وأن المكتتبين من فئة الوسط أي من اكتتب بـ 500 إلى 7000 سهم قلة, فأصبحت كل الكميات الآن بيد من اكتتب آخر الساعات في آخر يوم, طبعا سنعود من جديد بالتهم بالمؤامرات وغيرها من النعوت والصفات لرجال الأعمال وسؤالهم, لماذا اكتتبوا في آخر اللحظات؟ ولماذا تم ضخ هذه المليارات في هذه الدقائق؟ لقد خدعوا صغار المكتتبين!! يجب ألا ننسى أنه ليس لدينا ثقافة لوم النفس ومحاسبة الذات والثقة بالنفس، هذه الثقافة موجودة لدينا وواسعة جدا و"كيان" خير مثال, اتهام رجال الأعمال أو المضاربين غير مهم, بأنهم ضللوا المكتتبين لأنهم لم يكتتبوا من البداية, وكأن على رجال الأعمال وزر صغار المكتتبين أو أنها مسؤوليتهم, القصة كلها هي لسببين برأيي أو ثلاثة, الأول: لماذا رجال الأعمال يضخون مئات الملايين سواء بتمويل أو دونه من أول يوم أو ثاني يوم ويحجزون أموالهم لمدة عشرة أيام بلا معنى أو قيمة مضافة, فهناك تكلفة لكل مبلغ محجوز حتى لو كان لساعة, ناهيك عن أن يكون منها تمويل وعمولات تحسب باليوم, فهو يحاول الاقتراض أو التمويل أو ضخ أمواله الحرة في آخر اللحظات حتى لا تحسب عليه عمولات أو تكلفة للأيام الماضية, إذا المسألة استثمار بحت تماما بأقل تكلفة, ثانيا: المستثمرون الكبار يدركون معنى شركة "كيان" ومستقبلها, وهي جزء من "سابك", وتوجه المملكة للبتروكيماويات كبير وواسع وبلا حدود كما أعلن عنه وزير البترول، بمعنى أدق أن نكون الدولة الأولى بتروكيماويا خلال خمس أو عشر سنوات, إذا "كيان" صرح كبير وشامخ وإدارة "سابكية" تطمئن كل مستثمر, ودولة نفطية تتوافر فيها المواد الخام, وحصلت على تمويلات إسلامية ضخمة من البنوك، ماذا بقي لكي نقول إنها شركة رائدة للمستقبل, ثالث الأسباب هو أن تكلفة التمويل المنخفضة من البنوك وتوافر السيولة العالية يمنحان فرصا ذهبية للاستثمار. إذا ضخ 34 مليار ريال لم يتم عبثا ولا عن ربح آني وسريع سيتم بمجرد الطرح, وإن حصلت عمليات بيع في البداية وإن كانت كبيرة فهذا طبيعي, لمن أراد الربح السريع بريال أو بثلاثة, وهذا من حقه, ولكن المحافظ الكبرى تؤسس وتستثمر من هذه الأسعار بقيمتها الاسمية 10 ريالات, وحتى لو انخفض السعر دون 10 ريالات ستكون فرصة أكبر وأكبر للمستثمر, لأن ارتفاع ريال واحد بعد القيمة الاسمية يعني ربح 10 في المائة. إذا لا توجد مؤامرة, ولا خداع, ولا أي شيء من هذا القبيل, لنتجرد من العاطفة الجياشة لدينا التي أهلكت الكثير وأضاعت الكثير في مجتمعنا, كل يريد من يمسك بيده لكي يتخذ قرارا بدلا عنه وهذا الخطأ الكبير لدينا, فالنجاح ينسبه لشخصه, والفشل ينسبه لأي طرف آخر لأن هناك مؤامرة, حتى بتنا نتصور حياتنا أصبحت مؤامرات في مؤامرات, وهذا وهم كبير, أستغرب أن بعض الكتاب الذي ليس له علاقة بالاقتصاد ولا المال ولا أسواقه, أن يكرر أنها "مؤامرة" وأنه يؤكد جشع وطمع كبار المستثمرين, وأقول كما بدأت في أول المقال, كل شيء كان متاحا للجميع ومن أوسع أبوابه من اكتتاب بالهاتف أو النت أو بالحضور للبنك, كل شيء متاح وهذا يسجل للبنوك وهيئة سوق المال, وحتى بعض المحللين الماليين "أو كما يفترض" انساق وراء أنها مؤامرة وأكرر الرد نفسه مؤامرة مَن على مَن؟! فهل كانت هناك معلومات سرية, لماذا لا نعترف بأنني كمكتتب أخطأت ولم أقرأ الأحداث جيدا!! وأنني غير واثق إلى آخره من هذا الكلام!! فحين يعترف كل واحد منا ولو مرة واحدة ويقول "أنا أخطأت" سنكون قد بدأنا في المسار الصحيح, وبعيدا عن المؤامرات والتأويلات المفلسة. هنا أسجل النجاح الكبير لهيئة سوق المال, وطرحها لاكتتاب "كيان" رغم سعي "البعض" لكي يقنعنا أنه وقت طرحها خطأ والسوق والاقتصاد والوضع لا تحتمل, ولكن خاب ظنهم وحسن ظن وثقة هيئة سوق المال بقيادة رئيسها المجتهد والعملي معالي الدكتور عبد الرحمن التويجري, الذي قدمت له التهنئة الشخصية, وأن الاقتصاد السعودي والمستثمرين يعرفون أين يضعون أموالهم ولأي هدف ستذهب, أهنئ رئيس هيئة السوق وفريقه بالكامل على هذا النجاح الكبير باكتتاب "كيان", وأن هذا يؤكد نجاح سياستها لزيادة قوة وكفاءة وعمق السوق المفقودة حتى الآن, وأن يستمر إصلاح وترميم السوق من قبل طرح المزيد والمزيد من الاكتتابات لكي نوجد مؤشرا وسوقا بعمق أكبر, مع انتظار خطوات قادمة بعضها بيد الهيئة وبعضها لدى جهات أخرى, وأهمها برأيي تقسيم السوق, وتجزئة القيمة الاسمية إلى ريال واحد واستخدام أجزاء الريال وأقصد بها 5, 10, 15 هللة, وفق قواعد وأسس محدده, أثق أن هيئة سوق المال ممثلة في رئيسها تعمل جاهدة قدر المتاح وتسعى جهدها لإصلاح السوق وسن أنظمة وإصلاحات جديدة سترى النور, ولكن المسألة مسألة وقت, وفي الأخير, أطالب هيئة سوق المال بمزيد من الاكتتابات، وأدرك أنها لن تتأخر لدى الهيئة فهي أيام وستطرح, ولكن يجب العمل على تسريعها, بعيدا عن نغمة المضاربين بأنها ستكون سلبية ومضرة بالسوق, بل العكس هو الصحيح، حين نتحدث بلغة إصلاح السوق والاقتصاد الوطني ومصلحة وطن فوق الجميع, لا مجموعة أو مجموعات مضاربين يمارسون كل التجاوزات والغش والتدليس بأقصى قدر ممكن، ويستفيدون من تسرب معلومات من إدارات الشركات وهذا فساد كبير نأمل من الهيئة أن تقضي عليه مستقبلا، وهذه أمانة كبيرة على عاتقها, لحماية الاقتصاد الوطني والمتعاملين بالسوق.
إنشرها