أصبح مفهوم الوطن والمواطنة اليوم قضية أساسية وتوجها يجب الاهتمام به والعمل من أجل حمايته وتطويره، وإذا كان الأمس لا يحمل المفاهيم والمضامين التي يجب وضعها أمامنا لحماية وطننا ومكتسباته والسعي من أجل تطويرها لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية، فإن الوضع اليوم مختلف من حيث المفهوم والواجبات والدور المنوط بنا جميعاً بغض النظر عن ميولنا الفكري أو الاجتماعي، كما أن دعاة الأمة أو القوميات التي مارست دورها وتأثيرها في السابق رأت كيف أن مثل تلك التوجهات لم تحقق لدعاتها إلا كل تأخر وتقهقر وتخلف.
رجال الأمن السعوديون أجادوا وأبدعوا وقدموا كل المعاني النبيلة والعظيمة لمفهوم الوطن وحمايته وحماية أبنائه والمقيمين على أرضه من خلال الضربات الاستباقية والمباشرة لمن يحاول الإساءة إلى حقوق الوطن والمواطن، وما حملته وتحمله الأخبار اليومية من جهد عظيم وتضحية لحماية إنسان هذا الوطن وجعله في مصاف دول العالم من حيث العطاء والبناء تأكيداً ومصداقاً إننا خير أُمة أُخرجت للناس، واجبنا حماية الدين ونشر الإسلام للعالم من خلال القدوة الصالحة والإنسان السوي الذي يبني ولا يهدم.
بينما أغلب الدول المحيطة بنا تعيش في قلاقل وحروب وقتل يومي، كل مواطن فيها يبحث عن الأمن ولقمة العيش والإحساس بالاستقرار، نعيش نحن ولله الحمد رحلة تنمية وبناء واستقطاب للمشاريع في كل جزء من أجزاء وطننا الغالي، نفكر في إيجاد فرص العمل والتعليم للأجيال المقبلة، عدد جامعاتنا قفز من سبع جامعات إلى أكثر من 20 جامعة خلال سنوات قليله جداً إضافة إلى عشرات الكليات في مختلف التخصصات، والمدن الطبية، والخدمات، المختلفة تنتشر في كل مكان وخادم الحرمين الشريفين وولي عهده يحفظهما الله يؤكدان أهمية تنفيذ مختلف المشاريع ويُذللان مختلف العقبات لإنجاز المخطط التنموي الوطني الهادف إلى إسعاد المواطن السعودي وتحقيق رخاء العيش له ولأبنائه وأحفاده.
هذا الجهد العظيم من الجميع يقابله فئة لا أملك لها وصف إلا أنها تحاول أن تعيش على أجساد أبناء الوطن، تعثو في الأرض الفساد، هدفها تدمير كل خير في هذا البلد حتى تحقق لنفسها مكانا وتعطي لها قيمة على حساب الاستقرار الأمني والاقتصادي، تعيش كما تعيش المليشيات المغتصبة لكل خير في الدول التي نعرف حالها وحال ما وصل إليه وضع مواطنيها، هذه الشرذمة تعيش كما تعيش الفئران على أجساد البشر، خيرها ورزقها يأتي من القتل والتدمير واعتزازها وفخرها يأتي من اغتصاب النساء وتدمير الحرث والنسل.
هم فئة للأسف الشديد تعيش بيننا وتجد وللأسف الشديد أيضاً بعض التعاطف منا ولأسباب عديدة أقلها جهلنا بما يخططون له ويسعون خلفه، ظاهرهم التقوى وباطنهم الكفر والفسق والعصيان، وجودهم بيننا يتطلب منا اليقظة والحذر والانتباه لهم ولأهدافهم الشريرة والسعي للقضاء عليهم وعلى مخططاتهم من خلال عدم الاندفاع مع أفكارهم الهدامة والإبلاغ عنهم للسلطات المعنية لأن المؤمن الحق فطن ولا يملك أن يُخدع مرتين، خصوصاً أننا عشنا زمنا نستمع إليهم ونصدقهم ونصدق معتقداتهم حتى كشف الله سرهم وسترهم وجعلنا جميعاً على علم بما يخططون له ويسعون إليه من قتل وتدمير من خلال معتقدات فاسدة مضللة.
إن المواطن اليوم مطلوب منه اليقظة والعمل الوطني الجاد للمساعدة على القضاء على هذه الفئة الضالة المجرمة، يجب ألا نعتقد أن هذا عمل مكلف به رجال الأمن فقط، رجال الأمن يقومون بدورهم بكل اقتدار ويقدمون الوقت والجهد والروح في سبيل حماية الوطن والمواطن بينما نعيش جميعاً في حياة من الراحة والأمان وننام ملء جفوننا دون أن يحاول الواحد منا أن يعرف جاره وما يدور خلف الأسوار المغلقة، دون محاولة لقراءة التصرفات المشبوهة بحيث تحولت العديد من المنازل إلى أوكار لهؤلاء المجرمين ومخازن لمختلف الأسلحة التي تُخزن ليس لمقاتلة أعداء الوطن والدين وإنما لقتل وتدمير كل ما يحمل الخير للوطن والدين.
اليقظة مطلوبة منا جميعاً وفي مختلف مواقفنا ومسؤولياتنا كمواطنين ومقيمين على أرض هذا الوطن الحبيب، وكما يقال إن الخير يخص والشر يعم ولو استطاع مثل هؤلاء المجرمين تحقيق بعض أهدافهم الهدامة فإننا جميعاً مسؤولين ومواطنين واقتصاد سنتضرر والشواهد على ذلك كثيرة خلال الأحداث السابقة ولولا الله سبحانه وتعالى ورحمته بهذا البلد ثم حزم القيادة ويقظة رجال الأمن لوجدنا أنفسنا لا قدر الله نعيش حالة من الفوضى الأمنية والاقتصادية لا يعلمها إلا الله، ولوجد كل واحد منا منزله مهدما وزوجته أو أخته أو ابنته وقد اُغتصبت وأهله وأقاربه وقد قتل من قتل وأعيق من أعيق وهاجر من هاجر، حياة كلها موت وخوف وفزع، هل حاول أحدنا وهو ينعم بما هو فيه من عيش رغيد وراحة بال أن يفكر في وضعه ووضع أهله عندما تؤول الأمور لا سمح الله لهؤلاء المجرمين.
رحلة الحرب معهم طويلة ومضنية وفكرهم ومن يقف خلفه بالدعم المعنوي والمالي يحتاج إلى تضافر الجهود كل فيما يخصه ويقدر عليه حرصاً على وحدة الوطن وانطلاقاً من مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهل هناك منكر أشد من القتل والإفساد والاغتصاب والتدمير لدولة تمثل أفضل النماذج الإسلامية المعاصرة ويُرجى منها الخير الكثير للإسلام في جميع بقاع الأرض.
يجب أن نقف جميعاً كمواطنين ومقيمين صفاً واحداً مع حراس الوطن ونعلم أن تلك مسؤولية دينية ووطنية ومجتمعية وأسرية تتطلب من كل رجل وامرأة وطفل وطفلة العمل من أجل حماية الوطن ومكتسباته ومقدراته الوطنية حتى نعيش ويعيش أبناؤنا وأحفادنا حياة الاستقرار والنمو والتطور والبناء الإنساني السليم لهذا الوطن الغالي ونعلم مهما عملنا أو فكرنا لن نجد مكانا يمكن الاطمئنان له والعيش فيه عيشة كريمة أفضل من الوطن ولعل التجارب العديدة التي نقرأ عنها ونعرفها أن الوطن هو الملاذ الأخير للإنسان مهما بلغ ثراؤه أو مكانته أو عمره، دعونا نعمل من أجل وطن سعودي الولاء عربي اللسان إسلامي الانتماء عالمي الطموح ولا نجعل لمثل هؤلاء المجرمين والخونة مكانا بيننا.
وفق الله حراس الوطن وتقبل منهم عملهم خالصاً لوجهه الكريم وجعل موتاهم من الشهداء وتقبلهم عنده يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وقفة تأمل:
ميزت بين جمالها وفعالها
----- فإذا الملاحة بالخيانة لا تفي
حلفت لنا ألا تخون عهودها
-------- فكأنما حلفت لنا ألا تفي
فعلمت أن المستحيل ثلاثة
----- الغول والعنقاء والخل الوفي
والله لا كلمتها ولو أنها
------ كالبدر أو كالشمس أو كالمكتفي
