مستشفيات بدلا من الوحدات الصحية المدرسية
تعتبر الوحدات الصحية المدرسية للبنين والبنات التابعة لوزارة التربية والتعليم نوعا من أنواع الهدر المالي من دون جدوى حقيقية وفاعلة في ظل وجود وانتشار مراكز الرعاية الأولية التابعة لوزارة الصحة التي تخدم جميع المواطنين والمقيمين. هذه الوحدات الصحي المنتشرة في مناطق ومحافظات المملكة بعدد بلغ 167 وحدة للبنين ومثلها أو يزيد للبنات يعد دورها هامشيا جدا ولا يوازي ما يصرف عليها من أموال، رواتب الأطباء والصيادلة والإخصائيين والموظفين والكتبة والمستخدمين والسائقين وأجرة المساكن التي تشغلها تلك الوحدات الصحية أو تكلفة بناء مقار لتلك الوحدات إضافة إلى الأجهزة والمعدات الطبية والأدوية والأثاث وانتدابات الأطباء لزيارة المدارس وغيرها من التكاليف الباهظة. والمحصلة من ورائها ضعيفة تنحصر في الكشف عن الطلبة الذين سيلتحقون بالمدرسة، هذا الكشف الذي يعد روتينيا (المهم الختم) على ورقة القبول فلم أسمع طوال حياتي عن طالب رُفض قبوله في المدرسة بسبب تقرير الوحدة الصحية أو اكتشِف به مرض يمنعه من دخول المدرسة. لأن الأطباء والأجهزة وطريقة الكشف البدائية بالسماعة من فوق الثوب والفنيلة كلها لا تستطيع اكتشاف أي شيء يعانيه الطفل أو الطالب.
كما أن تلك الوحدات أصبحت ممرا سهلا وطريقا سالكة للإجازات المرضية للمعلمين والموظفين فما تمنحه من تقارير طبية لمعلمين وموظفين غائبين عن أعمالهم ومدارسهم أكثر بكثير من علاجها للحالات المرضية للطلبة والمعلمين والموظفين.
لهذا وغيره مما لا يخفى على المسؤولين في وزارة التربية والتعليم فإنني أرى، وهذا مجرد رأي قد أكون مخطئا فيه أن تقوم وزارة التربية والتعليم بالبدء من الآن في برمجة إغلاق تلك الوحدات وتوزيع الموظفين على إدارات التربية والتعليم والمدارس. والشروع في الاستعاضة عنها ببناء مستشفيات في مناطق المملكة الرئيسية تكون خاصة لمنسوبي التعليم من الجنسين، بذلك ستتحقق الفائدة المنشودة عندما يجد المعلمون والمعلمات والموظفون والطلبة مستشفى خاصا بهم شاملا جميع التخصصات. وستجد الوزارة لديها عددا كبيرا من الأطباء والإخصائيين والصيادلة في تلك الوحدات لتشغيلهم في تلك المستشفيات، كما أن الوزارة ستلمس جودة في الأداء ونقصا في التكاليف وستلمس رضا منسوبيها حين يرون أن وزارتهم قد خصصت لهم مستشفيات مثلهم مثل القطاعات العسكرية والأمنية.
عندما أرى مثل هذا الرأي فإنني أنطلق من منطلق وطني هدفه خدمة قطاع كبير من المواطنين وهم منسوبو التعليم بنين وبنات وهم قطاع كبير فيهم نحو ستة ملايين طالبة وطالبة ونحو مليون معلم ومعلمة إضافة إلى الموظفين في الوزارة وإدارة التربية والتعليم.
كذلك سيكون المردود الصحي والعلاجي أفضل وأشمل من تلك الوحدات الصحية البسيطة، كما أن في ذلك تركيزا للعمل الصحي لقطاع التعليم بدل تشتته في وحدات صغيرة متباعدة لا تسمن ولا تغني من جوع، وبدل أن يبقى منسوبو التعليم عالة على مستشفيات وزارة الصحة العاجزة عن سد حاجة المواطنين، أن يكون لقطاع التعليم ومنسوبيه مستشفيات خاصة بهم ترفع من معنوياتهم ومن مستوى العناية بهم فهذا القطاع فيهم شباب الأمة وفيهم من يؤدي خير رسالة وهي التعليم وهم المعلمون والمعلمات، فالدولة حفظها الله، تعي قيمة المعلم والمعلمة ولذلك منحتهم امتيازات في الرواتب وفي السلم الوظيفي يختلف عن بقية موظفي الدولة، فهل تُكمل الوزارة هذه المميزات والحوافز بدمج الوحدات الصحية المدرسية لتصبح مستشفيات للمعلمين والمعلمات والطلبة والطالبات؟!