إن دخل مع الإمام في الجمعة وتضايق الناس وزحم عن السجود أو زحم عن الركوع والسجود فهذه المسألة للعلماء فيها أقوال فمنهم من قال: يجب أن يركع ويسجد على ظهر من أمامه أو على رجله وقيل: إذا زحم فإنه ينتظر حتى يقوم الناس ثم يسجد ويكون التخلف هنا عن الإمام لعذر.
وقال بعض العلماء: يومئ إيماء قال ابن عقيل رحمه الله لا يسجد على ظهر أحد ولا على رجله ويومئ غاية الإمكان وهذا القول والعلم عند الله هو الأقرب لأن الإيماء في السجود، وقد جاءت به السنة عند التعذر بخلاف التخلف عن الإمام في عدة أركان ولما يترتب على السجود على ظهر إنسان أو رجله من التشويش على المسجود عليه لما في ذلك من هيئة تأباها النفوس الكريمة والفطر المستقيمة ناهيك أنه في شدة الزحام تختلط النساء بالرجال وما يترتب على ذلك من مفاسد وأيضا السجود على ظهر إنسان لا تتأتى معه صورة السجود لعلو الإنسان في السجود، لذا فالواجب أن يومئ إلى الركوع والسجود ويجعل سجوده أخفض من ركوعه. وقيل بهذا الإدراك صلاة الجمعة لأنها عبادة تفوت ولا تقضى بخلاف بقية الصلوات.
وإن أحرم في صلاة الجمعة ثم زحم وأخرج عن الصف فصلى منفردا فهذا يعد انفراد عن الصف لعذر لذا تصح صلاته لأنه معذور وإن أخرج عن الصف في الركعة الثانية ولم يتمكن من متابعة إمامه فينوي مفارقة إمامه ويتمها جمعة لإدراكه ركعة من الجمعة مع الإمام والصلاة تدرك بركعة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم .. "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة". وهذا الحكم يشمل بقية الصلوات المفروضة كمن أخرج من الصف فصار منفردا في الصف الثاني وكمن أدرك مع إمامه ركعة ثم انقطع مكبر الصوت فلم يسمع بقية تكبيرات الإمام فإنه ينوي الانفراد ويتمها ويكون بذلك مدركا لصلاة الجماعة لأنه أدرك ركعة مع الإمام. والجماعة تدرك بركعة في الصحيح من أقوال العلماء وهذا الحكم يطرد في كثير من المسائل وأذكر إخوتي بأن يصلوا في الأماكن المهيأة لذلك ويجتنبوا الممرات أو الدرج أو الأبواب لما يترتب عليه من إيذاء للآخرين فليس البر بإيذاء المسلمين، هذا وبالله التوفيق.
