الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 14 ديسمبر 2025 | 23 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.5
(-0.58%) -0.05
مجموعة تداول السعودية القابضة153.7
(-3.88%) -6.20
الشركة التعاونية للتأمين121.9
(-0.89%) -1.10
شركة الخدمات التجارية العربية126.8
(-0.39%) -0.50
شركة دراية المالية5.35
(0.19%) 0.01
شركة اليمامة للحديد والصلب32.2
(-4.73%) -1.60
البنك العربي الوطني21.8
(-3.54%) -0.80
شركة موبي الصناعية11.3
(3.67%) 0.40
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.82
(-5.75%) -1.88
شركة إتحاد مصانع الأسلاك20.91
(-3.46%) -0.75
بنك البلاد25
(-3.47%) -0.90
شركة أملاك العالمية للتمويل11.29
(-0.27%) -0.03
شركة المنجم للأغذية53.15
(-1.21%) -0.65
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.86
(1.37%) 0.16
الشركة السعودية للصناعات الأساسية54
(-1.19%) -0.65
شركة سابك للمغذيات الزراعية115
(-0.95%) -1.10
شركة الحمادي القابضة28.46
(-1.11%) -0.32
شركة الوطنية للتأمين13.3
(1.92%) 0.25
أرامكو السعودية23.89
(-0.04%) -0.01
شركة الأميانت العربية السعودية16.65
(-2.80%) -0.48
البنك الأهلي السعودي37.58
(-1.78%) -0.68
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات29.34
(-1.41%) -0.42

[email protected]

سبق أن تحدثنا في مقالة سابقة تحت عنوان (إلى متى أمة اقرأ لا تقرأ) عن القراءة وأهميتها للفرد في حياته الشخصية ومستقبله التعليمي والوظيفي. لقد أصبح الإنسان في هذا العصر يرزح تحت كم هائل من المعلومات والمعارف التي تحتاج إلى قراءة ابتداءً من الكتاب وانتهاءً بما يضخه لنا الإنترنت من معارف مهولة. إن العمل الوظيفي أصبح يتطلب الاطلاع على كم متزايد من المعلومات والتقارير والرسائل إلخ. ولقد أوجد كل هذا تحديا كبيرا أمام الأفراد في البحث عن الوسائل التي تتيح لهم الاطلاع والقراءة وفهم ما هو مكتوب بسرعة وكفاءة عالية. ولحسن الحظ فقد أصبحت هذه الوسيلة متاحة نتيجة جهود عدد من الباحثين الرواد في القرن الماضي.

بينت دراسات طبيب العيون الفرنسي إميل جافال عام 1878م أن العين تمر على سطور الصفحة في قفزات ووقفات صغيرة، وأنها تقوم بالتقاط الكلمات أثناء الوقفات، وأن بإمكان العين أن تلتقط أكثر من كلمة في لحظة توقف للعين واحدة. وقدم الطيارون في سلاح الجو الأمريكي بعد الحرب العالمية الأولى شكوى مفادها أنهم يواجهون صعوبة في التعرف على طائرات العدو وفرزها من الطائرات الصديقة أثناء الطيران بسبب السرعة العالية والمسافة التي تفصل بين الطائرات ..إلخ. بدأ علماء النفس وآخرون البحث عن طريقة لعلاج هذا الأمر، وكان أن خرج جهاز التكستوسكوب وهو جهاز يعرض صوراً على شكل ومضات لطائرات صديقة من الطائرات العدوة بأحجام مختلفة وسرعات عالية ويتحكم في زيادة سرعة عرض الومضة وحجمها, وبالتدريب زادت قدرة الطيارين على تمييز طائرات العدو من الطائرات الصديقة.

وقد نتج من خروج ذلك الجهاز أن نقلت هذه التقنية إلى القراءة السريعة, ومنذ ذلك الوقت وهي تعد من التقنيات المهمة، ولكنها لم تكن كافية لوحدها لحدوث انتكاسة بعد ترك التدريب لعدة أسابيع. ظهرت تقنيات عديدة اندمجت مع هذه التقنية, وكان من أشهر تلك المدارس مدرسة إيفلين وود، حيث قدمت أول برنامج للقراءة السريعة تحت اسم ديناميكية القراءة السريعة في جامعة أوتاوة عام 1958, وبعد ذلك بسنوات بدأت تنتشر الدورات المتخصصة في القراءة السريعة في الدول المتقدمة، وتؤلف الكتب..إلخ. كل هذه الطرق تعتمد في تطبيقها على الشخص ذاته.

وظهرت بعد ذلك بعض البرامج الحاسوبية المتميزة للقراءة السريعة في الغرب أثبتت جدواها الكبير على المتدربين. لقد بلغت نسبة الطلبة الجامعيين الذين قاموا بتحميل هذه البرامج من الإنترنت في الولايات المتحدة عام 2003م 81 في المائة. أما على مستوى العالم العربي فإن البرنامج الحاسوبي الوحيد الذي طبق التقنيات التي أوصت بها الأبحاث العلمية والدراسات المتخصصة هو مركز القراءة السريعة, ويوجد ذلك المركز في الإنترنت في موقع مهارات التعلم com.maharty.www، ولحسن الحظ فإن الموقع المذكور مجاني. وأنا أوصي به لما فيه من فائدة كبيرة.

لقد أصبحت القراءة السريعة والفاعلة مهارة ضرورية، خصوصاً أننا لم نتعلم في مدارسنا سوى المراحل الأولية للقراءة ؛ وتتمثل تلك المراحل في التعرف على الحروف وربطها ببعضها البعض لتكوين الكلمات ومعرفة معانيها, ثم تركنا بعد ذلك لأنفسنا وتعلمنا الذاتي، وهذا أشبه ما يكون بوصولنا إلى مرحلة الحبو في حين طلب منا المشي والجري والقفز في آن واحد. وأقصد بذلك أننا لم نتعلم القراءة السريعة، والتحليل، والنقد، والرفض .. إلخ. في إطار النص، كما أننا لم نتعلم كيف نزيد من قدرتنا على التركيز، ونربط النص الذي نقرأه بمعارفنا وخبراتنا السابقة, وكيف نحتفظ من ثم بالمعلومات ونتذكرها ونوظفها في حياتنا المستقبلية... إلخ.

لقد اكتسبنا نتيجة ـ عدم إلمامنا بالعقل وآلية عمله، وتطبيقنا الطرق التقليدية في التعليم ـ عادات قراءة سيئة انعكست على سرعتنا وكفاءتنا. وحتى أوضح الأمر بشكل أكثر دقة أقول إننا تعلمنا أن نقرأ حرفا حرفاً ثم كلمة كلمة. إن العين تحتاج أثناء توقفها لما بين ربع ثانية إلى ثانية ونصف الثانية لالتقاط الكلمة وهذا هو الفرق في الزمن بين القارئ البطيء والقارئ السريع. فالقارئ السريع يوفر لنفسه بناء على التقنية لوحدها ضعفين إلى ثلاثة أضعاف الوقت. كما أن العين بإمكانها مع القارئ السريع أن تلتقط أكثر من كلمة في لمحة بصر واحدة، وهنا القارئ السريع الذي يقرأ مثلاً ثلاث كلمات في لمحة بصر واحدة يوفر لنفسه ثلاثة أضعاف الوقت مقارنة بالقارئ البطيء. هذه المهارة يمكن اكتسابها بالتدريب الجيد والمنظم والمستمر على تقنيات القراءة السريعة.

لقد تعودنا أن نقرأ بصوت مهموس أو أن نقرأ بصوت يكمن في عقولنا؛ حيث يجد القارئ وكأنه يتهجى الكلمات في عقله وهذه الطريقة تحد من سرعتنا، حيث إننا عندئذ نلتقط صورة الكلمة بأعيننا ثم نسترجعها قبل أن نفسرها لنقرأها بصوت مهموس أو في ذهننا ومن ثم نسمعها. وأخيراً نقوم بتفسير معنى الكلمة التي قرأناها, وهذا طريق طويل، بينما كان الأجدر بنا أن نرى الكلمة بأعيننا ونقوم بتفسير معناها مباشرة، كما نفسر الصورة ونتعرف على الساعة التي نراها. إننا في حاجة إلى أن نتعرف على إمكانات العقل والبصر الهائلة وتوظيفها بالشكل الأمثل.

ومن العادات السيئة في القراءة إرجاع العين للوراء أو تشتيتها في الصفحة المقروءة, وهذا قد يحدث بوعي منا؛ فأنت إنما تتراجع لأنك تريد التأكد من فهم ما قرأته، وهذا قد يكون مقبولا ولكنه أمر لا يوصى به. أما النوع الثاني من التراجع بغير وعي عنا؛ فهي عادة سيئة نحن في حاجة إلى تدريب لإصلاحها. إن العين تكون في حاجة أثناء القراءة إلى دليل حتى تقرأ النص بسرعة وسهولة وتفهمه دون أن يتشتت ذهنك وهذا ما قامت عليه تقنية القراءة السريعة. ومن أفضل الأدوات لتحقيق هذا الأمر هو اليد أو قلم رفيع، وهذا ما تعلمناه في طفولتنا المبكرة، أي أن نتتبع بأصابعنا، وللأسف الشديد فإننا بدلاً من أن نزيد في سرعة حركة أصابعنا على السطر حتى نقرأ بسرعة أكبر، طلب منا المعلمون أن نتوقف عن هذه العادة الرائعة. فالشخص البطيء في القراءة يتراجع مرة إلى مرتين في السطر الواحد ـ وهي تمثل تقريباً ثانيتين ـ. لو افترضنا أنك تريد أن تقرأ كتاباً يتكون من 300 صفحة، وكل صفحة تتكون من 30 سطراً، فإن الفرد يفقد فيها بسبب هذه العادة السيئة 300 دقيقة؛ أي خمس ساعات من القراءة المتواصلة.

وأخيراً فإن هناك سبباً قوياً وراء البطء في القراءة هو أننا لم نستفد من النظرة الجانبية للعين، حيث يستخدم القارئ البطيء فقط النظرة الأمامية للعين والتي تمثل 20 في المائة من المدى الكلي لها، بينما يكون قد عطل 80 في المائة من إمكانات عينه في القراءة، في حين أنه يستفيد من هذه الإمكانات أثناء قيادة السيارة.

إنني أدعو من هذا المنبر إلى إدخال مادة القراءة السريعة في مقرراتنا للمراحل الدراسية الثلاث وفي جامعاتنا، بل حتى في التدريب المستمر للموظفين؛ فهي عامل مهم لتوفير الجهد والمال والوقت. خصوصا إذا اكتملت مع المهارات المرافقة لها مثل مهارات التعلم والفهم والتذكر... إلخ. ويمكننا اكتساب هذه المهارة في وقت قصير بالتدريب المستمر لنصف ساعة يوميا لمدة شهرين حيث نتوقع تحسناً في السرعة من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف وربما أكثر،ـ مع زيادة في الفهم والتذكر ـ فيما يشبه التدريب على الآلة الكاتبة. ولسوف يحدث هذا التغيير في حال تطبيقه نتائج تفوق ما تتوقع حدوثه على مسيرة حياتك العلمية والوظيفية؛ وهذا ما أكده كثير ممن اكتسبوا هذه المهارة.

في مقالة قادمة إن شاء الله سوف نتطرق إلى القراءة السريعة والفاعلة، وكيفية زيادة قدرتنا على الفهم والتذكر بسهولة لفترة طويلة بالأخذ بأحدث الدراسات والأبحاث الحديثة.

والله ولي التوفيق

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية