الأوامر السامية والاعتراضات النظامية لا تجد آذانا صاغية لدى مؤسسة النقد

[email protected]

استبشرت خيراً وأنأ أتابع في الفترة الأخيرة دور الإعلام التوعوي، حول لجنة تسوية المنازعات المصرفية، وهذه اللجنة التي كانت تعمل بعيدا عن أعين الإعلام, وتدعي بتساوي مكانتها بمكانة القضاء، حيث حاول الأستاذ أحمد الصالح أمين عام لجنة تسوية المنازعات المصرفية, من خلال الحوار الذي أجراه في جريدة "الاقتصادية" وفي التلفزيون السعودي, أن يبين للرأي العام السعودي مدى أهمية اللجنة في خدمة الاقتصاد المالي.
أولاً: يجب التوضيح والتفريق بين ما تمارسه اللجنة من أعمال إدارية, وبين القضاء الذي يفصل في المنازعات, فاللجنة تقوم بأعمال إدارية وتسوية رضائية بين الطرفين المتخاصمين, أما ديوان المظالم فهي جهة قضائية تصدر أحكاما ملزمة, وليس للجنة إصدار أحكام لأن ذلك يعتبر خارجة عن اختصاصاتها التي حددت بموجب الأوامر الملكية. وما ذكره الأمين أن لجنة تسوية المنازعات المصرفية, لها حق الحكم وإنهاء الخصومات غير صحيح, لأن كلمة تسوية لا تعني إنهاء النزاع حكماً, والأمر السامي اقتضى (التسوية) التي تعني نظاماً بأن تكون مرضية للطرفين, وإذا لم تتوصل إلى التسوية المرضية للطرفين يحال النزاع للمحكمة المختصة للبت فيه. وبالرجوع إلى القرار الصادر بتشكيل اللجنة بالأمر السامي الكريم رقم 729/8 في تاريخ 10/7/1407هـ, نجد في البند السابع (عندما تقرر اللجنة عدم توصلها إلى تسوية مرضية للطرفين يحال النزاع إلى المحكمة المختصة للبت فيه), وبالاطلاع على الأوامر السامية التي صدرت, نجدها تؤكد على اللجنة بعدم تجاوز اختصاصها وولايتها وعدم فرض الحلول غير المرضية على الأطراف, ومن ذلك:
أ ـ الأمر السامي الكريم رقم 4/ب/3464 في 22/3/1412هـ, يفيد بأن هناك من صدرت ضدهم قرارات من اللجنة حسب المعاملات (المرفقة) وأن التسوية التي توصلت إليها اللجنة في المعاملات المرفقة غير مرضية لهم ويلتمسون تطبيق مقتضى ذلك على قضاياهم, نرغب إليكم التأكيد على هذه اللجنة بأن الإجراءات التي تتخذها وفقا لما نص عليه الأمر الصادر بتشكيلها وذلك بأنه عندما تقرر عدم توصلها إلى تسوية مرضية أن يحال النزاع إلى المحكمة المختصة للبت فيه وعليها النظر في الاعتراضات المرفقة في ضوء ذلك.
هذا الأمر السامي جاء تأكيدا بحق المواطن في طلب الاختصاص للقضاء, ثم توالت الخطابات الرسمية من كل جهة تطلب من اللجنة (الالتزام) ومنها خطاب معالي رئيس الديوان الملكي رقم 4229/ر في 6/4/1412هـ, ولكن من الواضح أن الأوامر السامية, أو الاعتراضات النظامية, لا تجد آذانا صاغية، وهو حق المواطن الذي لم يقر بالتسوية التظلم لدى مقام ديوان المظالم. إن لجنة تسوية المنازعات المصرفية, هي لجنة صلح وتسوية فقط مثل لجنة الإصلاح الموجودة في إمارات المناطق وأقسام الشرطة ولا يمكن بحال أن تكون لجنة ذات اختصاص قضائي أو شبه قضائي, وإن من مبادئ العدالة العامة وطبقا للنظام الأساسي للحكم الذي نص علية المادة 47 بحق اللجوء للقضاء, كما نصت المادة 49 على أن المحاكم القضائية هي التي تختص بالفصل في جميع المنازعات.
ثانيا: نشرت في الصحف (شكاوى) وقعها تسعة من المستشارين والخبراء لدى اللجنة تظلموا فيها لمعالي محافظ مؤسسة النقد, وسبب الشكوى تدخل (الأمين) في عملهم وفرض نتائج معينة عليهم, وإذا رفضوا التوقيع يوقع عليها أشخاص آخرون وتصدر بعد ذلك الأحكام, فأي قضاء هذا؟ وماذا حصل لشكوى الخبراء؟ لقد انتهت إلى لجنة تحقيق داخلية التي شكلت لتقصي الأمر، ومن لجنة إلى لجنة، ومن جلسة إلى أخرى, يصبح القوي فوق النظام، كما جرت عادة التحقيق في الدوائر الحكومية .
ثالثا: قال أحمد الصالح إن سبب تشكيل اللجنة من المقام السامي, نظراً لأن القضايا البنكية وقضايا الأسهم معقدة وشائكة وتحتاج إلى جهد كبير من الدراسة والاطلاع والبحث, الأمر الذي قد تعجز عنه الجهات القضائية! فهل يقصد بذلك رجال القضاء في ديوان المظالم؟ أم أنها زلة لسان ولم يقصد هذا المعنى؟ كذلك التصريح بأن اللجنة أصدرت للبنوك أحكاما بسبعة مليارات ريال وأصدرت للمواطنين أحكاما بـ 850 مليون ريال, وهذا التصريح لا تعني عدالة اللجنة بقدر تسلطها على حقوق المواطنين. وهذا يذكرني بقضية لمواطن, عندما حاول أحد البنوك الاستحواذ على أحد أهم الاستثمارات الترفيهية في جدة, مقابل مبلغ زهيد, رغم قدرة المواطن على دفع حق البنك وعليها إكرامية (فوائد) بضعة ملايين جبر لخاطر اللجنة.
ختاماً لقد اتفق أغلب فقهاء القانون على أن لجنة تسوية المنازعات المصرفية ليس لها صفة إصدار الإحكام, وكتب في ذلك مئات المقالات في الصحف, ورفعت عشرات البرقيات للمقام السامي ومؤسسة النقد, وتم تأكيد ذلك عندما رفضت أحكامها خارج السعودية لأن قرارات هذه اللجنة ليست أحكاماً قضائية وإنما هي قرارات من لجنة إدارية, وبعد كل ما قيل من تفسيرات نظامية, ومن شكاوى متظلمين, أقول لك أيها (الأمين) لا تخف, فكل ما يكتب لن يحرك أي شيء واعتبرها يا سيدي الكريم (فشة خلق) لمواطن مسكين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي