هل تفكر حقا في توفير استهلاك الكهرباء؟
هل يوجد أي قاسم مشترك بين المكانس والغسالات الكهربائية من ناحية والسيارات من ناحية أخرى؟ نعم ... فهذه الآلات تحتاج جميعا إلى الطاقة وتأخذ الطاقة في الحالة الأولى شكل تيار كهربائي أما في الثانية فتأخذ شكل بنزين ومن هنا يبرز الفارق : ففي الوقت الذي تستمد فيه الأجهزة الكهربائية إكسير حياتها ، المتمثل في التيار الكهربائي من الشبكة الكهربائية ، تحتاج السيارات أن تعبئ خزاناتها بالوقود بصورة منتظمة .
وتبين عدادات المضخات في محطات البنزين لسائقي السيارات عدد لترات الوقود التي اشتروها كما أن عملية حسابية بسيطة تكفي لمعرفة متوسط الاستهلاك من الوقود ولكن مثل هذه الخدمة لا تتوافر بالطبع للأجهزة المنزلية... ولو حرص المستهلك على شراء جهاز حساب استهلاك الطاقة لأدرك على الفور مدى نهم الأجهزة المنزلية للطاقة الكهربائية ولتوافرت لهم المعلومات التي تمكنهم من اتخاذ قرارات بشأن الاحتفاظ بالثلاجة القديمة على سبيل الاحتياط جنبا إلى جنب مع الثلاجة الجديدة. لقد أظهرت استقصاءات مختلفة أن الطاقة المهدرة نتيجة تشغيل بعض الأجهزة الكهربائية دون الاستفادة الفعلية بها تقدر بحوالي 22 مليار كيلووات في الساعة وهي كمية من الطاقة تكفي لتزويد العاصمة برلين بالطاقة لمدة سنة كاملة. وبهذه الطريقة يهدر نحو 4.1 مليار يورو سنويا. ومن اللافت أيضا أن كل أسرة من الأسر الألمانية تدفع حوالي 85 يورو في السنة أكثر من اللازم ثمنا للطاقة المستهلكة. وهذا يدفع الشركات المنتجة للطاقة الكهربائية لتوفير محطات لتوليد الطاقة بقدرة 2500 ميجاوات.
وبالتالي فإن بوسع كل أسرة أن توفر في أثمان الطاقة إذا ما قامت بفصل الأجهزة الكهربائية تماما عن الشبكة فور الانتهاء من استخدامها. ومع ذلك لا بد من الانتباه: فمن يربط جهاز الحاسوب الذي يملكه وبعض الأجهزة الطرفية بقابس كهربائي ذي مفتاح يستطيع إغلاقه وقتما يشاء يتصرف تصرفا بوعي ولكنه لا يحقق بالضرورة وفرا في النفقات، ذلك لأن علب الحبر في الطابعة لا بد من تنظيفها كلما تم تشغيل الطابعة بعد فصلها عن مصدر الكهرباء، وهو ما يعني استهلاك مزيد من كميات الحبر التي قد تفوق تكلفتها في النهاية تكلفة الطاقة الكهربائية الضئيلة المستهلكة في حالة إبقاء الأجهزة الطرفية متصلة بالكهرباء.
ولهذا لا بد من التفكير مليا في كيفية تقليص الطاقة الكهربائية المستهلكة في المنازل بأكثر الطرق فاعلية، ويتضمن هذا بالطبع تلافي الخسائر الناجمة عن إبقاء الأجهزة في حالة استعداد واستبدال الأجهزة الكثيفة استهلاك الطاقة بأخرى موفرة للطاقة. فهذه الإجراءات تلعب دورا مهما وإن لم يكن الأكثر أهمية. فمن المعروف أن حصة الأجهزة الكهربائية والإضاءة لا تزيد عن 13 في المائة من مجموع الاستهلاك. أما الباقي فهو للتدفئة ولتسخين المياه لأغراض الاستحمام.
إن إحداث التغييرات الضرورية يحقق في هذا المجال نجاحات كبيرة. ولكن أين تكون البداية؟ إن الأجوبة العامة غير ممكنة هنا. فقبل كل عملية استثمار، وفي ضوء نوع وشكل العقار، ينبغي الاختيار بوضوح بين إنفاق النقود على عملية عزل شاملة للمنزل أو على شراء نظام تدفئة جديد. فإذا جاء الاختيار لمصلحة التدفئة، سيلي ذلك عذاب الاختيار بين عشرات الأنظمة المختلفة للتدفئة التي يستخدم بعضها الغاز بينما يعمل البعض الآخر بزيت الوقود. وفي النهاية تبين أن 96 في المائة من أنظمة التدفئة التي تعمل بزيت الوقود تم استبدالها بأجهزة تسخين موضعية. ولم يكن بالإمكان عمل ما هو أفضل من ذلك.
وعلى الرغم من هذه النتيجة فلا يزال الاستعداد لشراء الأجهزة المقتصدة في استهلاك الطاقة دون مستوى توقعات المنتجين لهذه الأجهزة.