إصلاح القضاء.. إصلاح للحياة
يلجأ الناس إلى القضاء بحثاً عن العدل.. والعدل أن يأخذ كل إنسان حقه دون الافتئات على حقوق الآخرين.. وما أسهل التنظير وأصعب التنفيذ.
وصعوبة التنفيذ تعود إلى تعقد الحياة، وهو تعقد يشمل كل شيء.. فهناك مشاكل إنسانية.. ومشاكل اقتصادية.. ومشاكل زوجية.. ومشاكل تجارية.. ومشاكل أسرية.. ولا تضع يدك في مكان إلا ووجدت مشكلة.. والكل يلجأ إلى القاضي بحثاً عن العدل.. والكل يقدم ما عنده من حجج ومستندات وأوراق وشهود.. وتتزاحم القضايا أمام القاضي، وعليه أن يبحث في ترسانة القوانين عن القانون الواجب التطبيق.. وبعد أن يصدر الحكم عليه أن يقدم الحيثيات التي بنى عليها هذا الحكم!!
المواطن في مشكلة والقاضي في مشكلة أكبر.. ولهذه كان لا بد من إعادة تقييم وتنظيم القضاء السعودي بما يكفل تحقيق العدالة في أسرع وقت ممكن.. فالتأخير في العدل ظلم.
لهذا قرر الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ وزير العدل السعودي إعادة تقييم لنظام القضاء نتيجة لكثرة القضايا المطروحة في محاكم البلاد وتشعبها بعد انتشار السكان على مستوى مناطق البلاد.
مشيراً إلى أن مفهوم القضاء كان مفهوماً جامداً.. وأن المفهوم الحالي جاء نتيجة جهود رجال أجادوا ليصل لهذه الصياغة، ولكي يتناسب مع فترة زمنية معينة.. وبإمكان رجال القضاء ووزراء العدل تغييره وإن كان ليس بالأمر السهل.. فأي إضافة أو حذف أو تعليق يؤدي لقلب المعنى.
وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين أعلن آل الشيخ في مؤتمر صحافي عقد بمناسبة إطلاق الإصدار الأول لمدونة الأحكام.. أن هناك تعديلاً في قضايا الاستئناف يخول صاحبه حضور قضية الاستئناف والترافع عن قضيته وهذا ما لم يكن سابقاً.. وكذلك تحدث عن إنشاء المحاكم الخاصة ودورها والتعريف بها.. أما فيما يتعلق بنقص عدد القضاة فاعتبره الوزير نتيجة عزوف الشباب عن دخول مجال القضاء وخوفهم من الوقوع في الخطأ.. وفي خطوة لمساعدة المهتمين والمختصين للاستئناس بأحكام القضاء وتأصيل التطبيق السليم للشريعة، أوضح الدكتور عبد الله بن صالح وكيل العدل عن إنجاز مدونة الأحكام القضائية من قبل الإدارة العامة لتدوين ونشر الأحكام.. وقد شملت مجموعة مختارة من قرارات مجلس القضاء الأعلى، وستخرج هذه المدونة على شكل كتاب ورقي ونسخة إلكترونية لتكون متاحة للجميع.
ندرك تماماً صعوبة مهمة معالي وزير العدل ولكننا نؤيده بشدة.. فإصلاح القضاء هو إصلاح للحياة كلها.. ومهما بذل من جهد ووقت فالمسألة تستحق كل العناء وكل الوقت والله معه.