قناة المجد وهموم المزارعين

طرحت قناة المجد مشكورة هموم المزارعين في برنامج ساعة حوار لمعده ومقدمه المتميز الزميل فهد السنيدي، واستضاف لهذا الغرض الدكتور عبد الله العبيد وكيل وزارة الزراعة لشؤون الأبحاث والتنمية الزراعية، الذي أجاد في توضيح أهم الجوانب المتعلقة بهذه الهموم، وهذا الحوار له نقاط مضيئة منها تميز قناة المجد واحترامها لمشاهديها واستقطاب شرائح مختلفة من المجتمع، ومنها أيضا أهمية القطاع الزراعي كنشاط اقتصادي له عدة أبعاد اجتماعية واقتصادية وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن هناك اختلافا بين مشاكل المزارعين في مناطق المملكة في وطن أشبه ما يكون قارة، لتعدد مظاهر تضاريس المملكة بأشكالها المختلفة من جبال وهضاب وسهول وأودية وكثبان رملية، كما أن درجات الحرارة قد تصل إلى ما يزيد على 50 درجة مئوية أثناء النهار في فصل الصيف فيما تقل عن الصفر المئوي أثناء الشتاء في بعض المناطق، والتي تنعكس بدورها وتؤثر على بيئة الإنسان ونشاطه وحياته المعيشية وتنقلاته، ومناطق المملكة بدورها تختلف من منطقة لأخرى من حيث المقومات الطبيعية (الموقع الجغرافي، ظروفها البيئية، معدلات الأمطار، التربة الصالحة للزراعة، مظاهر السطح، وفرة المياه المناسبة للزراعة وغيرها)، والبشرية مثل عدد السكان كسوق استهلاكية، ودخولهم، والبُنى التحتية للخدمات داخل كل منطقة، وتوافر رأس المال لأبنائها، وتلك الصفات مجتمعة أو منفردة تعطي منطقة دون أخرى ما يسمى "الميزات النسبية" في القطاع الزراعي ترتبط بها مشاكل المزارعين وهمومهم نسبيا سواء ظهور مشكلة أو اضمحلالها. وعلى الرغم من وجود الاعتقاد السائد لدى البعض بأن الفوارق البيئية قد تذوب باستخدام وسائط التقنية المختلفة، إلا أن هموم المزارعين في مناطق المملكة في العموم لا تختلف في مضمونها حيث تتمحور حول مدخلات الإنتاج الزراعي ومخرجاته. والميزات النسبية قد تُساعد في خفض تكاليف الإنتاج لتوفر الظروف البيئية المناسبة التي تعمل على خفض احتياجات المزروعات وتساهم في تحمل تلك الظروف، مما يعني أهمية تسخير الميزات النسبية لرسم هوية لكل منتج من كل منطقة. وكما للإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني ميزات نسبية في المناطق، فإن الملاحظ أن مشكلات المزارعين أيضا تختلف من حيث الأهمية النسبية لهم من منطقة لأخرى، حيث يلاحظ تركز مشكلات محددة في منطقة دون أخرى من مناطق المملكة، فمثلا بعض المناطق تشكل تربية النحل والدواجن فيها أهمية نسبية في حين مناطق أخرى تكتسب مشكلات إنتاج وتسويق البطاطس والخضار والقمح أهمية نسبية لهم، وفي المناطق الساحلية مشكلة صيد وتسويق الأسماك، وكذلك التمور في أغلب مناطق المملكة، إضافة إلى وجود مشاكل تسويقية تختص بالمناطق القريبة من الحدود مع الدول المجاورة، وقد تُعزى نسبية المشكلات إلى ارتباطها بنوعية المنتجات الزراعية المميزة نسبيا سواء نباتية أو حيوانية أو سمكية، وفي ظل وجود هذه المشكلات فإن الأمر يتطلب من المزارعين الرفع من كفاءة منتجهم وترتيب أوضاعهم للتغلب على المشكلات الإنتاجية والتسويقية التي قد تواجههم وخاصةً مشكلة التنافس بين المنتجين المحليين أنفسهم، ويكون ذلك بالاستفادة من الميزات النسبية التي قد تتحقق لهم سواء الطبيعية أو البشرية لخلق تكتلات وفي مقدمتها الجمعيات التعاونية تساعدهم على وضع منتجاتهم في وضع تنافسي أفضل مقارنة بالمنتجات الزراعية المستوردة لتحقيق عوائد مجزية، كما أن تلك الجمعيات ستقوم بدورها في رصد تلك المشاكل في كل منطقة للمساهمة في إيجاد حلول للتغلب عليها بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ومن هذا المنطلق يأتي دور المزارعين كتكتل للاستفادة من الميزات النسبية في كل منطقة دون الهرولة وراء مزارعي المناطق الأخرى في ظل مبدأ التقليد بين المزارعين وبالتالي البحث عن طوق نجاة لتسويق منتجاتهم والرضوخ لمشاكلهم النسبية.

[email protected]

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي