لماذا يوجد متسولون سعوديون؟

[email protected]

تصيبني الدهشة وتدهمني الحيرة وأشعر بالغثيان كلما شاهدت سعودياً يقف بين المصلين بعد صلاة الجمعة أو بعد أي فرض من فروض الصلاة الخمسة، أو عندما أراه جالساً عند باب المسجد معتمراً الشماغ الأحمر والثوب باسطاً يديه وبينهما صورة صك أو فاتورة كهرباء وهو يتسول الناس أن يعطفوا عليه وأن يدفعوا له النقود لكي يسدد تلك الفاتورة أو لكي يعالج من مرض ألمَّ به أو ليعالج والده أو والدته أو أحد أشقائه أو أولاده. أشعر بالخجل ممن يجلس بجانبي في المسجد من الإخوة العرب أو المسلمين حينما يسألني كيف يتسول هذا الرجل وهو سعودي، وأنا بدوري أسأل السؤال نفسه كيف يتسول السعوديون ذكوراً أو إناثاً ونحن الذين تنتشر في مدن وقرى بلادنا الجمعيات الخيرية التي أهم أعمالها سد حاجة المحتاجين والفقراء. فكيف إذن تمتلئ المساجد في كل مدن المملكة وفي شوارعها بالمتسولين..؟ سيقول قائل إن هؤلاء في معظمهم ليسوا سعوديين، فأقول أين كفلاؤهم وإذا لم يكن لهم كفلاء فأين السلطات المسؤولة عن المتخلفين ومخالفي نظام الإقامة. المصيبة أن منهم عددا لا بأس به سعوديين فكيف وصلت بهم الحال إلى أن يمدوا يدهم بالتسول من الناس. هذا دليل دامغ على أن الجمعيات الخيرية لم تقم بدورها في البحث وتحري الفقراء والمحتاجين من أبناء البلد هذه الجمعيات التي نقرأ في تقاريرها السنوية أن إيراداتها بملايين الريالات. فكيف أن لديها ملايين الريالات ولم تتمكن من القضاء على المتسولين والمحتاجين لقيمة فاتورة كهرباء. فأين إذاً تذهب تلك الملايين إذا لم تصرف على الفقراء والمحتاجين. المتسولون في تزايد وإيرادات الجمعيات في زيادة أيضاً بفضل الله ثم بفضل أهل الخير في هذه البلاد الطيبة. ما أراه هو أن بعض الجمعيات لم تستطع القيام بسد حاجة المحتاجين وحفظهم من ذل السؤال. بل اتجهت بعض تلك الجمعيات إلى استثمار زكوات وصدقات وتبرعات المحسنين في مشاريع عقارية على شكل مجمعات تجارية وسكنية وتركت عملها ودورها الرئيسي وهو سد حاجة المحتاجين والفقراء والتخفيف من أعداد المتسولين. بدلاً من التباهي بالمجمعات التجارية والسكنية التي لن يستفيد منها الفقراء والمحتاجون كما أنهم لن يستفيدوا الفائدة المرجوة من إيرادات الجمعية التي تبلغ الملايين، وهذا طبعاً لا ينفي استفادة البعض من الجمعيات لكن المفترض أن تكون الاستفادة أكبر بحيث نرى تناقصا في أعداد المتسولين من السعوديين بدل أن تتزايد، وهذا للأسف شيء مشاهد بعد كل صلاة وعند كل مسجد وصيدلية ومجمع تجاري وأيضاً إشارات المرور. نحن بلد خير ونعمة وخيرات بلدنا وصلت إلى جميع المحتاجين في كل بلدان الدنيا، فكيف لا نستطيع بهذا العدد الكبير من الجمعيات الخيرية أن نساهم في حل مشكلة المحتاجين الذين اضطرتهم الحاجة وضيق ذات اليد إلى التسول؟ أرى أن وجود متسولين سعوديين في ظل وجود تلك الجمعيات الخيرية بإيراداتها الكبيرة أمر غير معقول وغير مقبول. لذا على الجمعيات أن تستثمر أموالها في سد حاجة المحتاجين لا أن تستثمرها في المجمعات التجارية والسكنية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي