Author

لجنة تحولت إلى محكمة!

|
www.alfowzan.com من المشكلات الأساسية في أي اقتصاد وطني عدم وجود محاكم تجارية مختصة بهذا الشأن, فحين لا توجد محاكم تجارية تفصل في النزاعات التي تنشأ بين المتخاصمين في القضايا المالية أيا كانت, فهذا يسبب تبعات سيئة على الاقتصاد الوطني, سواء للمستثمر المحلي أو الخارجي، إن أردنا اجتذاب أموال خارجية وضخها في الاقتصاد الوطني, حين نطبق ذلك على الوضع لدينا في اقتصادنا الوطني السعودي, فالواقع يقول إنه ليس لدينا محاكم تجارية تفصل في النزاعات المالية, أو لا تملك الاختصاص الدقيق والعميق في ذلك. وأضع هنا مثالا وهو القطاع المصرفي الذي يشكل طرفا منفصلا والطرف الآخر المستفيدون من الخدمة البنكية إما شركات ومؤسسات وإما مواطنون أيا كان حجم التعامل المالي لهم, فالشركات تحتاج إلى تسهيلات بنكية من خطاب ضمان واعتمادات بالاطلاع أو مؤجلة أو حسابات على المكشوف أو خط شراء خزانة أو قروض تجارية أو غير تجارية من تمويل شراء سلع وخدمات للمواطنين وغيرها أو مرابحات أو مضاربات أسهم واستثمار وشيكات تصدر وبطاقات صراف وبطاقات أتمانية, أي أن البنوك تتداخل في حياتنا الاقتصادية بكل أشكالها, لمن كان راتبه ألف ريال أو دخله مليارات الريالات. هنا الفرضية تؤكد أن كل هذا الزخم المالي بين البنوك والمتعاملين معها يمكن أن تنشأ خلافات مالية أو في العقود التي توقع بين البنك والعميل, إذا نسلم أن هناك خلافات تحدث قد تكون بمائة ريال بسبب صراف لم يصرف للعميل لأي سبب أو خلافا بملايين ومئات الملايين لاختلاف في تفسير العقود أو تعثر أو أي سبب. إذا أين نتجه في هذه الخلافات التي تنشأ؟ لذا تم تأسيس"لجنة تسوية المنازعات المصرفية"، التي صدرت من وزارة التجارة في حينها حيث أصدر وزير التجارة قراراً برقم 822 وتاريخ 13/4/1406هـ، نصت مادته الأولى على أن يعهد إلى اللجنة القانونية في وزارة التجارة الفصل في المنازعات التي تقع بين البنوك وعملائها والناشئة عن العقود والعمليات المصرفية, ولكن ظل الوضع من دون تغيير حتى ظهر تطور مهم في 10/7/1407هـ، إذ صدر خطاب رئيس مجلس الوزراء رقم 729/8 موجه إلى وزير المالية والاقتصاد الوطني، يتضمن الموافقة على إنشاء لجنة في مؤسسة النقد العربي السعودي لتسوية المنازعات المصرفية. وبعيدا عن تاريخ التأسيس لكن المتفق عليه أن عمرها لا يقل عن عشرين سنة مضت, ولكن الملاحظ أن "لجنة تسوية المنازعات التجارية" هي في قواعد تأسيسها ومن تعريف تحليل اسم اللجنة أنها "لجنة تسوية" لا محكمة, لأننا نلاحظ أن "اللجنة" تصدر أحكاما وكأنها محكمة, فهل لديها "دستور" و"مواد قانونية" تستند إليها" إذا أين هي؟ هذا إذا سلمنا أنها محكمة, لأن أساس التأسيس لها أن تحل النزاعات بكل ما يتعلق بالقطاع المصرفي باعتبار أن لدينا بنوكا تجارية وبنوكا إسلامية لا تنظر لها المحاكم الشرعية أو ليست ذات اختصاص. إذا المحاكم لدينا ليست مختصة, وشكلت "لجنة تسوية" تحولت إلى محكمة ونسمع بأحكام صدرت, إذا كانت محكمة, فيجب إذا أن تكتمل قواعد وأسس المحكمة, من وجود محامين وقاض أو قضاة, ومدع عام, ومرافعات شفوية, وأحاكم تصدر. الذي يحصل الآن, مذكرات تقدم وكأنها مناقصة للرد على الدعاوى والنزاعات, لا أريد الخوض في تفصيلات عميقة ودقيقة, ولكن إذا كأن إنشاء "لجنة تسوية المنازعات" التي هي خاضعة لمؤسسة النقد وبالتالي لوزارة المالية, ونعرف أن هناك تداخلا في دوري اللجنة" والبنوك, باعتبار أن سلطة البنوك قوية بأي صورة كانت, إذا نحتاج إلى محايدين من محامين وقانونيين. السؤال المهم الآن, لماذا استمر كل هذا الزمن للجنة؟ لماذا استمرت لجنة ولم تتحول إلى محكمة مكتملة الشروط والواجبات؟ لماذا التداخل بين عمل ومسؤولي اللجنة ووزارة المالية والبنوك؟ هل ندرك أي ضرر كبير يخسره الاقتصاد الوطني من عدم وجود محاكم تجارية أو مصرفية تختص بهذا النوع من القضايا الاقتصادية؟ لماذا عمل اللجنة وكأنه سري جدا وغير ظاهر للإعلام, فلا نعرف مَن رئيسها ولا مستشاريها ولا مَن هم الذين يصدرون الأحكام, ولا ما هي اللجنة الاستشارية التي لا يقابلها أحد ولا تناقش, لماذا كل هذه السرية, ونحن في عصر أصبح الاقتصاد تعقد فيه الصفقات بمئات الملايين بضغطة زر واحدة في أبعد نقطة في العالم؟ لماذا لا نمارس الشفافية والوضوح خاصة في الاقتصاد والمال, فالمستثمر ليس مضطرا ليأتي لنا ويضخ أمواله في ظل عدم وجود القانون التجاري والمحاكم التجارية. مهما كانت جاذبية هذا الاقتصاد نحتاج إلى محاكم مكتملة الشروط, والعدل والإنصاف وحفظ الحقوق بالقانون وأن يتاح للجميع بنزاهة تامة, حتى نستطيع أن نستثمر ويستثمر القادم إلينا, لا نضع كل شيء في إطار شخصي وجمود لا أمل منه.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها