أتيحت لي الفرصة للمرة الثانية على التوالي أن أحضر جانباً من فعاليات منتدى جدة الاقتصادي. وأسعدني كثيراً أن تتوالى نجاحات هذا المنتدى، وأن يحظى بمثل هذا الحضور من قيادات العالم السياسية والاقتصادية على اختلاف مشاربها، وبمثل هذا الاهتمام الإعلامي الذي حظي به.
فمنتدى جدة الذي يقام للعام الثامن على التوالي ، حظي هذا العام بمشاركة العديد من الشخصيات الفاعلة عربياً وإسلامياً وعالمياً، وأصبح محط أنظار الكثيرين، ليس على المستوى الداخلي فحسب، بل وحتى على المستوى العالمي. ولا شك أن هذا واحد من مؤشرات نجاحه العديدة.
غير أن الأمانة تفرض الإفصاح عن بعض الانطباعات والملاحظات الشخصية، التي أرجو أن يتم تقبلها بصدر رحب.
أولى هذه الملاحظات هي حول إغفال بعض التجارب الناجحة محلياً ولا سيما أن الأستاذ صالح التركي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية في جدة أشار في تصريح صحافي إلى أن هدف هذا المنتدى هو التجارب الناجحة والخبرات الميدانية على المستويين العربي والدولي. وأعتقد أن لدينا، ولله الحمد، الكثير من التجارب التنموية الناجحة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تجربة الهيئة العليا لتطوير الرياض والهيئة الملكية للجبيل وينبع وشركة سابك وغيرها. ولا شك أن مثل هذه التجارب جديرة بالطرح على بساط النقاش.
والملاحظة الثانية أن بعض المتحدثين الرئيسيين تجاوزوا في كلماتهم حدود اختصاصاتهم وصفاتهم . فكان طرحهم بعيداً عن الموضوع، وتميز بفوقية لم يستسغها معظم الحاضرين. إذ بدا كأستاذ ينحني تواضعاً واهتماماً ووعظاً على الحاضرين، على الرغم من أن معظم هؤلاء كانوا أهم منه شأناً في مجالات السياسة والاقتصاد والتنمية.
أما الملاحظة الثالثة فكانت تتعلق بحضور المرأة في هذا المنتدى. إذ مع إيماني التام بأهمية دور المرأة وهي نصف المجتمع، ومع اعتزاز الجميع بما تحققه المرأة السعودية اليوم من نجاحات مع تمسكها بثوابت حياتنا الاجتماعية وقيمها، إلا أننا لاحظنا شيئاً من المبالغة في الحضور النسائي تدعو إلى التساؤل إذا ما كان حجم هذا الحضور يلبي بصدق حاجة إليه، ويعبر بدقة عن الواقع، أم أنه بات كأحد المستلزمات الشكلية في أي منتدى؟ باختصار، هناك اعتقاد، شخصي على الأقل، بأنه لم تتم الاستفادة من هذا المنتدى كتجمع عالمي، لإبراز الملامح الكثيرة لتطور المجتمع السعودي اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياحياً، وللتعريف بالكثير من المحفزات التي تحققت. فهذه التظاهرة العالمية تعد فرصة جيدة لتصحيح الصورة الذهنية السلبية لدى البعض، من خلال التعريف بحضارتنا وثقافتنا وقيمنا ومنجزاتنا، وأعتقد أن منتدى كهذا يحتاج إلى تخطيط مدروس وتكاتف الجهود للاستفادة من هذا الحفل العالمي في نشر رسائل إعلامية ودبلوماسية صادقة عن مجتمعنا.
