شبهات المستشرقين حول القرآن والرد عليها
شبهات المستشرقين حول القرآن والرد عليها
إن من أعظم الواجبات الشرعية على علماء الأمة وطلاب العلم أن يدفعوا عن هذا الدين الحنيف المتمثل في كتاب الله تعالى (القرآن الكريم) والسنة النبوية المطهرة.. يدفعوا عن كل ما يثار من أعدائه من شبهات وأباطيل يريدون بها تشكيك المسلمين في دينهم وكتابهم وصرف الآخرين عن اتباعه والدخول فيه، ويقف أمام العلماء وطلاب العلم فئة من الأعداء جندوا فكرهم وعصارة ذكائهم في النيل من كتاب الله تعالى وتشويه ما جاء فيه من الحق والهدى.
تلكم الفئة التي أقصدها في هذا المقال ـ فئة المستشرقين الجاحدين المتعصبين الذين عبثوا بالقرآن الكريم وتعمدوا تشويهه، فمنهم مثلاً المستشرق (ماكدونالد)، حيث زعم أن القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم وليس من عند الله وتلك هي الطعنة والشبهة التي يوجهها للقرآن هو ومن كان على شاكلته ويلمونه في إثباتها من أمثال (جب) و(هـ. ج. ويلز)، ومن عباراتهم الباطلة في ذلك ما قاله ماكدونالد: "ومن أسمائه ـ يعني الله تعالى ـ السلام وهذه الصفة لم ترد إلا في الآية 23 من سورة الحشر ومعناه شديد المغموض وتكاد نقطع بأنها لا تعني السلم، ويرى المفسرون أن معناها السلامة أي البراءة من النقائص والعيوب وهو تفسير محتمل، وقد تكون هذه الصفة كلمة بقيت من ذاكرة محمد من العبارات التي تتلى في صلوات النصارى"، ونحو هذا من العبارات جاء المستشرقون بظلالهم يأخذون من الآيات القرآنية الكريمة ما يشكلون فيه ويظلون ينفثون سمومهم في ضعاف الدين والاعتقاد.. هذا ولم تقتصر جهود هؤلاء المستشرقين على تشويه القرآن الكريم وما جاء به من الحق، بل امتدت أيديهم الآثمة إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي هي بيان للقرآن، يريدون بذلك أن يحطموا ما يستند إليه المسلمون في دينهم واعتقادهم وشرائعهم، ولكن أنى لهم ذلك (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)، ولا ريب أن أخطر آثار الاستشراق هو اعتبار كتب المستشرقين الجاحدين وبحوثهم مراجع أساسية في العقائد والتاريخ واللغة والسيرة وغير ذلك، خاصة في الجامعات والمعاهد العالمية أو في دراسات المبعوثين إلى الجامعات الغربية.. وعلى هذا فإنه من الواجب الأكيد أن يتصدى لهذه الشبهات والدراسات الاستشراقية القائمة عليها علماء هذه الأمة ودعاتها دفعاً عن هذا الدين وتنقية وتصفية له عمّا قد يشوبه من الضلال، وحماية لأبناء الأمة المسلمة من أن ينحرفوا عقيدة وفكراً ومنهجاً وسلوكاً بسبب تلكم الشبهات والضلالات.
هذا مع أنني لا أنكر أن هناك طائفة من المستشرقين اتسموا بالاعتدال والإنصاف على تفاوت فيما بينهم، فمنهم من أخطأ وأصاب بل منهم من انتهى به البحث الحر النزيه إلى الإسلام مثل (رينان) و(كارلابيل) و(تولستوى) واللورد (هيدلي) و(ايتين دينيه)، وعلى كل حال فإنه من الواجب كما ذكرت آنفاً أن تبرز شبهات المستشرقين حول القرآن الكريم وأن تعدلها الردود من أهل العلم المتخصصين.
د. عماد زهير حافظ
أستاذ التفسير المشارك بقسم التفسير
الجامعة الإسلامية ـ المدينة المنورة