Author

سياسية الجوارب المثقوبة والبنك الدولي

|
[email protected] أثارتني صورة لرئيس البنك الدولي السيد "بول وولفويتز" حين كان يقوم بزيارة لتركيا ولمسجد تاريخي يسمى السليمانية, حين دخل رئيس البنك الدولي هذا المسجد وبعد انتهاء زيارته, خرج ليلبس حذاءه ولكن المفاجأة أن "جوارب" رئيس البنك الدولي "مثقوبة" أي كلا الجوربين وليس واحدا تأكيداً على "تمزقها" بصورة واضحة, ونشرت الصور في الصحافة العالمية والجميع شاهدها. حين نتابع هذه الصورة لرئيس بنك دولي حالي, ونائب وزير دفاع أمريكي سابق, وأحد المحافظين الجدد ومن الصقور المهمة في واشنطن سابقا ومازال, ربط ذلك بالسياسية الأمريكية ومن يمثلها وهو هنا "بول وولفويتز" وغيره مثل دونالد رامسفيلد أو وفيت وبيرل وجون بولتون ودوجلاس فايث وإليوت أبرامز وغيرهم, هؤلاء فئة ومجموعة من المحافظين الجدد الأمريكيين استقال أغلبهم وخرجوا من الإدارة الأمريكية, ولكن لا يعني ذلك أن يكون انتهى فكر المحافظين الجدد, الذي يريد ترسيخ ونشر الديمقراطية في العالم وفرض السيطرة الأمريكية، وبمعنى أدق الاحتلال الأمريكي, كما هو الآن يحدث في أفغانستان أو العراق, سياسة المحافظين الجدد أربطها "بالجوارب" الخاصة بالسيد "بول وولفويتز" أي السياسية الأمريكية في الخارج, فهي لا تقبل بالديمقراطيات حقيقة كما تدعي أنها تنشرها, فهي لم تقبل أو توقف حربها ضد شافيز رئيس فنزويلا الذي فاز في الانتخابات من خلال صندوق الاقتراع, ولا هي قبلت أو اقتنعت بفوز دانييل أورتيجا العائد لسدة الحكم في جواتيمالا ولا قبلت بفوز حماس في الانتخابات, هي سياسة انتقائية لا شك بها, وهذه هي سياسية المحافظين الجدد في الولايات المتحدة التي تبحث عمن ينفذ أو يطبق سياستها التي تفرضها لا التي تفرضها شعوب المنطقة أو الدولة كمثال العراق, الولايات المتحدة من خلال المحافظين الجدد من نائب الرئيس الأمريكي الأكثر تشددا, حتى المستقيل رئيس البنك الدولي الحالي، ذهبوا بأمريكا إلى كارثة حقيقية, والعراق الآن يسجل أكثر من 3500 قتيل أمريكي, ولازال يوميا يسجل قتلى وجرحى ومعاقين, ورغم الفداحة في الثمن من كل الجوانب إلا أن هناك استمرارا في العراق, فلا هي تستطيع الخروج من العراق وترك العراق مذبوحا وهدية للإيرانيين أو السوريين أو القاعديين "القاعدة" وغيرهم, وإن بقت في العراق أصبح هناك مزيد من الخسائر والقتلى والأموال التي يدفعها دافع الضرائب الأمريكي, ظلت سياسة المحافظين الجدد "والأمريكيون ليسوا متمرسين في الاستعمار كما البريطانيين" يصرون على تحقيق أهدافهم ظنا منهم أنهم يحققون الأهداف العليا للولايات المتحدة وحماية دولة إسرائيل, لكن ما يحدث وسيحدث مستقبلا, هو مزيد من المستنقعات التي تغرق الولايات المتحدة، والمثال شاخص أمامنا في العراق وأفغانستان والصومال سابقا أو أي مكان تذهب إليه. سؤالي, كيف يكون رئيس البنك الدولي "بول وولفويتز"؟ وهو الشخص الذي فشل في إدارة دفة السياسة الأمريكية, وكان لاعبا رئيسيا ومؤثرا كما بقية المحافظين الجدد, أقدر أنه وضع بترشيح من الرئيس الأمريكي وأن الولايات المتحدة الممول الأساسي للبنك الدولي الذي من أهدافه تقديم المساعدات المالية والفنية للبلدان النامية, ويعمل على تخفيض عدد الفقراء في العالم وتحسين مستوى المعيشة وتقديم القروض بأسعار فائدة منخفضة ومنح تعليمية وغيرها, كل ذلك الآن يقوده, ولكن هي استكمال للسياسة الأمريكية من كل الجوانب السياسية والاقتصادية التي تسير بتزامن وتجانس مع تنفيذ كثير من السياسات الأمريكية في الدول النامية, وبما أن السياسة الأمريكية "مثقوبة" كجوارب رئيس البنك الدولي, فلا أتوقع أن نجد سياسة أمريكية ناجحة في ظل الإصرار على فرض أمر واقع على شعوب منطقة أيا كانت, أو تغيير شيء على شيئا. هي تعتقد أن بإمكانها فعل شيء حقيقي, ولكن التاريخ يعيد كل شيء إلى أصله وواقعه كما تثبت النظريات العلمية والتاريخية, ولكن يظل المحافظون الجدد سياسيا واقتصاديا يمارسون كل عوامل الضغط لتحقيق أهدافهم كما حدث في العراق وأن تكون نزهة, ولكنها أصبحت نزهة بخسائر في الأرواح يوميا ومليارات تحترق .. وتظل سياسة مثقوبة لا ينفع معها لا الرقع ولا التغيير, ما لم تتغير الشخصيات والأشخاص والسياسات معها.
إنشرها