الحيض في مدارس البنين
استمعت وقرأت للكثير ممن ينادون بتطوير وتعديل المناهج الدراسية وكنت آخذ جانب الحياد في هذا الموضوع لأن المناهج والتربية لهما مختصون كما أن لكل منهج متخصصون يعرفون مدى حاجة الطالب لهذا الموضوع أو ذاك أو عدم الحاجة ومدى مناسبة هذا الموضوع أو ذلك لسن الطالب. صحيح إن المناهج لمراحل التعليم العام فيها حشو وتكرار وعدم تدرج وفيها إقحام لأمور لا داعي لها ولا تناسب الزمن الحاضر.
أرى أبنائي يذاكرون هذه الأيام وأشفق عليهم من طول المناهج وصعوبة مذاكرتها في أقل من يوم خاصة أن لديهم مادتين في اليوم. لكن ما لم أتوقعه ولم يخطر لي على بال أن يدرس ابني في الصف الأول المتوسط موضوع (الحيض) لقد صُعقِت وذهلت عندما جاء إليّ يسألني ما الحيض؟ ولماذا الحيض؟ وكيف يحدث الحيض؟ فنهرته وقلت له ولماذا تسأل هذه الأسئلة وكيف عرفت الحيض وما علاقتك به وما علاقتك كذكر بموضوع هكذا؟ فقال لي إنه مقرر علينا في مادة الفقه في الصف الأول متوسط الدرس الثامن. فلم أصدقه فتناولت الكتاب وإذا به عنوان عريض يتصدر الصفحة (48) فدُهِشت لفترة وقلت لابني أليس هذا الدرس محذوفاً عنكم ومقرراً فقط على البنات قال لي لا لقد درسّنا الأستاذ هذا الموضوع. لقد ظننت أنه مقرر فقط على البنات بحكم توحيد المناهج للبنين والبنات.
المقرر ليس له مؤلف أو مُعِد. نعود إلى التساؤل الكبير ماذا تريد الوزارة من تدريس (الحيض) للبنين وفي هذه السن الصغيرة؟ كل ما في الدرس يخص المرأة فماذا يستفيد الطالب في سن 13 سنة من تعلم (الحيض)؟ ومتى يأتي ومدته وأحكامه؟ إنني في الحقيقة أستغرب إقرار مثل هذا الموضوع على طلبة صغار. أم أن الوزارة تخشى أن يصيب أبناءنا الحيض فعندما يكونون ملمين به أم ماذا؟
أن يدرس طالب الصف السادس الابتدائي زكاة بهيمة الأنعام والخارج من الأرض فهذا يمكن هضمه رغم عُسره.
الآن ثبت لي بالدليل القاطع أن من ينادون بتطوير وتعديل المناهج معهم حق وأنا متأكد أن لديهم الكثير من الملاحظات والمآخذ على مناهجنا الدراسية.
للأسف إن ما يحتاج إليه أبناؤنا في حياتهم المستقبلية لا يتم التركيز عليه ولا يعطى أدنى عناية كالحاسب الآلي واللغة الإنجليزية، بينما يُقحم موضوع بعيد كل البعد عن تكوين الرجل وطبيعته وتُفرض عليه دراسته وتعلمه والاختبار فيه وهو لا حاجة له به. سيقول قائل بلى إنه يحتاج إليه لكي يُعلم أمه وأخته (الحيض وأحكامه) وأقول هذا الأمر تعرفه النساء أكثر من الرجال لأنه يصيبهن ولا يصيب الرجال. هل انتهت المواضيع الفقهية التي تُفيد الطالب فلم تجد الوزارة ما تحشو به المنهج إلا هذا الموضوع؟َ! إنه لأمر عجيب أن يفوت هذا الأمر على الإدارة العامة للمناهج في الوزارة ثم يفوت على المشرفين في إدارات التعليم فلا يُبدي أحد منهم ملاحظة على وجود هذا الموضوع في مقرر البنين. أنا لا أتذكر أنني درست هذا الموضوع في جميع مراحل دراستي. لماذا إذن يأتي الآن؟ لقد خرج لنا في هذا الزمان العديد من الأمور التي تتبناها الوزارة وهي بعيدة عن أن تعود بالفائدة على النشء أو الطلبة. وهذا يؤكد ما قاله وزير التربية والتعليم أنه لا توجد استراتيجية للتعليم في بلادنا.