شراء التمور .. دلالات القرار
صدرت الموافقة السامية بزيادة سعر شراء التمور من المواطنين من ثلاثة إلى خمسة ريالات اعتبارا من الموسم المقبل 1428هـ وهي مشروطة باستخدام نظم الري الحديثة المرشدة لاستخدام مياه الري على أن تتولى وزارة الزراعة تحديد سعر الشراء حسب نوعية التمور ومدى تبني نظم الري الحديثة. وهذه الموافقة تشمل المزارعين الذين يستخدمون نظم الري الحديثة التي تساهم في ترشيد استخدامات المياه.
والمزارعون الذين لا يلتزمون بذلك فيستمر شراء التمور منهم بسعر ثلاثة ريالات للكيلو الواحد.. وعبر هذه النافذة نوجه نداء للمزارعين للتفاعل مع دعوة وزير الزراعة للاستفادة من مثل هذا الدعم بتحسين نوعية إنتاجهم وضرورة استخدام أساليب الري الحديثة والتوسع بذلك للمساهمة في ترشيد استخدامات المياه، وأوجه الدعم مختلفة لتشجيع المزارعين للتحول بنظم الري التقليدية إلى نظم ري حديثة تساعد في الترشيد، ومن أهمها أن البنك الزراعي يقرض المزارعين لمساعدتهم على التحول.
وهذه الموافقة لها عدة دلالات من أهما حرص ولي الأمر على كل ماله مصلحة للوطن والمواطن وتأكيد أهمية منتج التمور حيث يعد نشاط زراعة النخيل من أهم الأنشطة الزراعية لارتباطه الوثيق بحياة الإنسان في هذه البلاد عبر العصور لتوفير محصول استراتيجي قابل للتخزين واستهلاكه على مدار العام، مما يعني أهمية تسخير الميز النسبية والاستفادة منها في تميز أصناف تمور دون سواها والبعد عن التقليد وغرس فسائل في مناطق قد لا تعطي الجودة نفسها في منطقة دون غيرها. وتميز صنف عن غيره من الأصناف لا يعني بالتحديد أفضليته المطلقة فتختلف باختلاف مراحل النضج ومناسبته للاستهلاك وكذلك مناسبته للنقل من مكان لآخر أو للتصنيع، والتمور السعودية بصفة عامة حققت تميزا سواء في الأسواق المحلية أو في الأسواق الخارجية رغم انخفاض الكميات المصدرة منها، إلا أنها أصبحت مطلوبة بالاسم لجودتها وتحسن النوعية مما يعني أهمية الاستمرار في هذا النهج للتكيف مع التغيرات الاقتصادية المتوقعة في المنظور القريب بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية لتحقيق التميز من حيث الجودة أو القيمة المضافة بإتباع العمليات التسويقية مثل التدريج، والتعبئة، والتغليف وغيرها للوصول لمنافذ تسويقية مناسبة سواء داخل المملكة أو خارجها تساعد على رفع الهامش الربحي للمزارع، ومن المؤمل أن تسهم الإجراءات التي تقوم بها بعض المؤسسات الحكومية والمنظمات الأهلية مثل رسم استراتيجيات تسويق التمور أو المشاركة في المعارض الخارجية أو إصدار المطبوعات للتعريف بأصناف التمور في فتح قنوات تسويقية لتصريف الفائض من التمور بأصنافها المختلفة. وولاة الأمر منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز "يرحمه الله" يولون منتج التمور أهمية بالغة وانعكس هذا الاهتمام في المنظور القريب في إصدار أوامر سامية تدعو إلى تبني دعم هذا المنتج من خلال وجوده في المناسبات الداخلية والخارجية وتقديمه هدايا لضيوف المملكة الرسميين والتوجه بإقامة مركز بحوث متقدم إنتاج وتسويق التمور (بالتنسيق بين القطاعين العام والخاص) وآخرها زيادة سعر شراء التمور، إلا أنه يبقى دور القطاعين العام والخاص بتشجيع المزارعين بفئاتهم المختلفة للعمل على توسيع دائرة استخدام أنظمة الري الحديثة في زراعة المنتجات النباتية المختلفة.