ندوة المحاسبة.. هل تفتح باب التعاون؟
تنظم جامعة الملك سعود ممثلة في قسم المحاسبة الندوة الحادية عشرة لسبل تطوير المحاسبة تحت رعاية رئيس هيئة السوق المالية, التي سيدور موضوعها الرئيس حول دور المعلومات المحاسبية في تنشيط سوق الأوراق المالية, في الفترة من 14 إلى 15 ذو القعدة 1427هـ الموافق 5 إلى 6 كانون الأول (ديسمبر) 2006, وخلال الندوة سيتم تقديم أوراق عمل مهمة من قبل المشاركين فيها من داخل المملكة وخارجها. وقبل أن أتطرق إلى موضوع مقال اليوم أجد من الواجب تقديم الشكر والعرفان لجامعة الملك سعود ممثلة في قسم المحاسبة على تنظيم هذه الندوة وحرصها على انتظام عقدها, الأمر الذي أسهم بشكل رئيس في تنظيم مهنة المحاسبة والمراجعة لدينا, وأعتقد أن الندوات السابقة أسهمت في رفع الوعي المهني لدى المهنيين وغير المهنيين, كما أنها أضحت من أهم الفعاليات التي ينتظرها المهتمون بمهنتي المحاسبة والمراجعة على الأقل داخل المملكة.
إن اختيار موضوع الندوة حول دور المعلومات المحاسبية في تنشيط سوق الأوراق المالية وبالذات الأسهم يدل على ما يشعر به المنظمون من تعاظم دور المهنة في تحديد خيارات المستثمرين وقراراتهم في أكبر اقتصاد عربي, ويأتي ضمن تكامل الجهود بين جميع الجهات لتحسين وتنظيم بيئة الاستثمار ورفع الشفافية والإفصاح المرتبط به إلى أعلى درجة ممكنة. من هنا كنت أدعو وما زلت إلى إعطاء مهنة المحاسبة والمراجعة الاهتمام الذي يوازي أهميتها ودورها في الاقتصاد, ولا أقصد بذلك اهتمام المعنيين بها بشكل مباشر مثل أقسام المحاسبة في جامعاتنا والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين والجمعية السعودية للمحاسبة, فهم حسبما أعرف يعملون قدر استطاعتهم لخدمة المهنة, وشعورهم بالانتماء إليها يفوق الوصف, وهم على كل حال يحملون آمالها وهمومها أينما كانوا, بل كنت أعني جهات أخرى لها علاقة مباشرة بتطبيقات مهنة المحاسبة والمراجعة ومخرجاتها.
سأكون أكثر وضوحا وأقول إن مهنة المحاسبة قد تم تنظيمها بشكل جيد من قبل المعنيين بأمرها, إلا أن هذا التنظيم لا يمكن أن يصبح واقعا ملموسا وبالشكل الذي نأمله دون تعاون جهات أخرى مثل وزارة المالية وهيئة سوق المال والمجلس الاقتصادي الأعلى ومؤسسة النقد ووزارة التجارة والصناعة.
فلو أخذنا موضوع الندوة على سبيل المثال, سنجد أن المعلومات المحاسبية هي الأساس الذي يعتمد عليه ملايين المستثمرين في سوق الأسهم لتحديد قراراتهم الاستثمارية, أو هكذا يفترض في الأسواق الناضجة, كما أن المعلومات المحاسبية للشركات المدرجة في سوق المال لها دور رئيس في تحديد قرارات المقرضين والممولين لمشاريعها الجديدة, ولا يمكن المضي في قرارات مثل الاستحواذ والاندماج دون معلومات مالية موثوقة، وهذا يقودنا إلى أن مهنة المحاسبة والمراجعة لها أهمية وتأثير لا يمكن إغفالهما على الاقتصاد الوطني, لذا فإن تكاتف الجهود بين الجهات التي ذكرتها آنفا لدعم هيئة المحاسبين وضمان تطبيق معايير المحاسبة والمراجعة أمر مطلوب من أجل شفافية وإفصاح أفضل وقرارات رشيدة من قبل المستفيدين من المعلومات المحاسبية, وكذلك من أجل ضمان عدم حدوث أية أزمات مالية قد تضر باقتصادنا الوطني في المستقبل.
ينتابني شعور في بعض الأحيان بأن هناك من يقلل دون قصد من دور مهنة المحاسبة والمراجعة في الاقتصاد الوطني, ويعود ذلك في الغالب إلى عدم إدراك وفهم طبيعتها وأهدافها وتنظيماتها, الأمر الذي أسهم في ازدياد التشكيك في مخرجاتها, وهذه مرحلة خطيرة ينبغي ألا نصل إليها.
معظم الأزمات التي حدثت في أسواق المال العالمية هي أزمات مالية ترتبط بمهنة المحاسبة والمراجعة, وهي أزمات أثرت في اقتصاديات الدول التي حدثت فيها, وهذا ما يجعلني أنادي بأن تهتم الجهات التي ذكرتها سابقا بمهنة المحاسبة والمراجعة وأن ترفع درجة التنسيق بينها وبين هيئة المحاسبين, وقبل ذلك لا مانع من أن تطًلع على الجهود التي بذلت لتنظيم المهنة وما يتطلبه الأمر لضمان أعلى درجات الثقة في مخرجاتها من قبل المستفيدين منها كافة.