الزهور أم الأشجار القاتلة!
تقوم أمانة الرياض مشكورة هذه الأيام بزراعة الورود الجميلة في الكثير من الجزر الوسطية إضافة إلى صيانة ما عليها من أشجار بصفة مستمرة. إن من يقود سيارته على أحد هذه الشوارع في غير أوقات الصيانة, لا بد له أن يعجب بهذه المناظر الأخاذة والجهود المستمرة للأمانة في هذا المجال. إن تجميل الجزر الوسطية بالزهور هو الحل الوحيد الذي يمكن أن تستخدمه الأمانة في حال إصرارها على زرع الجزر الوسطية. إن زراعة الجزر الوسطية للشوارع سببٌ للكثير من الحوادث المرورية بسبب إعاقة الرؤية للسيارات عند الالتفاف أو عند الخروج من خط الخدمة إلى الخط الرئيس, كما أن صيانة هذه الجزر الوسطية في أفضل الحالات تتسبب في إغلاق أخطر المسارات وهو المسار الأيسر، وتعريض حياه العاملين وراكبي السيارات للخطر, إضافة إلى حجز مساحة كبيرة من الشوارع نحن في أمس الحاجة إليها مع تزايد وتيرة الازدحام المروري. إن زراعة الجزر الوسطية في الشوارع قد تم تفاديها في الكثير من دول العالم للأسباب التي أُشير إليها ولكن عندما يلزم الأمر زراعتها فإن ذلك يتم بمعايير تضمن سلامة الجميع. إن الأمثلة على الأخطاء الكبيرة في شوارع الرياض وغيرها من مدن المملكة قد تعدت حد الأمثلة لكي تصبح النمط السائد, أما الشوارع التي تُتبع فيها معايير السلامة العالمية فهي الاستثناء إن لم تكن في حكم المعدوم. إن هذا الإصرار من قبل البلديات على تجاهل الحقائق العلمية والوقائع اليومية الناتجة عن هذه الأعمال, قد أصاب الكثيرين من المواطنين بالإحباط وقادهم إلى القناعة بأن سلامة الناس هي أول ما يُضحى به في الأمانات والبلديات من أجل توفير حفنة من الريالات أو الحصول على بعض من كلمات الثناء والإطراء. إن مُعظم أعمال صيانة الشوارع التي تقوم بها أمانة الرياض، إضافة إلى استمرارها في زراعة الجزر الوسطية, هي في الحقيقة مخالفات لمعايير السلامة المتعارف عليها عالمياً, كما أن بعض هذه المخالفات قد تسبب، وما زال، في تحميل البلد خسائر طائلة في الأرواح والأموال من السهولة تفاديها. إن أفضل طريق للرفع من مستوى السلامة على شوارع مدننا هو أن تُنشأ إدارات خاصة لهندسة المرور تُدعم بالرجال والمال وأن يستعان في البداية بخبرات عالمية تقوم على تأسيس هذه الإدارات وسن الأنظمة والتعليمات ووضع المعايير المتبعة في التصميم والتنفيذ وتدريب المهندسين والمخططين تدريبا عملياً وعلمياً, كما تُمكن هذه الإدارات من القيام بتوظيف الكثير من المهندسين وإدخالهم في برامج خاصة تخرج مختصين في هندسة المرور. إننا بدون هذه الحلول الجذرية لن نستطيع التصدي لمشكلات المرور مع الازدياد المتنامي للسكان وما يتبعه من زيادة في السيارات. إن الاستمرار في تسيير الأمور كما هي عليه سيقودنا في وقت قريب إلى مشكلات يصعب الخلاص منها ويكلفنا ما لاطاقة لنا به.