Author

الحاجة ملحة لبنك الفقراء وليس لتقديم المساعدة

|
<p><a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a></p> محمد يونس، دكتور أكاديمي في الاقتصاد، درس في بلاده حتى حصل على درجتي الماجستير والدكتوراة من الولايات المتحدة، حصل على جائزة نوبل للسلام وليس في الاقتصاد، استغرب العالم مَن يكون محمد يونس؟ الحقيقة أنه إنسان بسيط، وصاحب فكرة خلاقة، في بلاد يفوق فيها الفقراء ما نسبته 90 في المائة، ويعملون في المهن البسيطة والحرة، حصل على نوبل وهي شهادة مستحقة بلا شك، لأنه يرفض مساعدة الفقراء والمحتاجين بتقديم مساعدة نقدية تعيشهم ليوم واحد، ولكنه ركز على فكرة بسيطة وهي (لا تقدم لي السمك جاهزا ولكن علمني كيف أصيده طول حياتي) إذاً هي فكرة "العمل" وليس "المساعدة"، ومَن يقرأ في حياة هذه الشخصية يجد إنسانا كرّس كل حياته لمساعدة الفقراء، وليس تقديم المعونة المالية اليومية كما هو متبع، محمد يونس وبنك "جرامين" حصلا على نوبل للسلام، لتأسيس بنك الفقراء ومساعدة الفقراء، بتقديم القروض دون ضمانات، بل استخدام أسلوب المجموعات الضامنة، وركز على المرأة التي هي العنصر الأساسي لقيام الأسرة وفق نظريته، وأنها هي التي تقوم على شؤون العائلة وتتحمل المسؤولية، خاصة أنها وضعت حياتها للعيش وتربية الأطفال، وليس الرجل الذي سيجد العمل في أي مكان وتحت أي ظروف، محمد يونس، قدم نموذجا مثاليا بأقل الأموال ومن لا شيء، بل إن البنوك المحلية والبنك المركزي رفضت فكرته وقالت "مجنون" كيف تستقيم القروض بلا ضمانات، ولكنه أقرض من جيبه الخاص 27 دولارا لأكثر من عشر نساء لمساعدتهن على القيام بأعمال صناعية بسيطة جدا لكي يكسبن قوتهن وقوت عائلاتهن. الآن بعد مشوار استمر ما يقارب ثلاثين عاما من الجهد الشخصي والذاتي اقتنعت البنوك بفكرته والبنك المركزي ووصلت قروض البنك الذي أسسه "جرامين" 5.1 مليار دولار "واستفاد منها 5.3 مليون بنجلادشي، وتوسعت فكرته على كثير من الدول العالم، ووصل عدد فروع البنك إلى 86 فرعا. هذه التجربة لمحمد يونس والذي تبرع بقيمة نوبل المالية ومقدارها 1.4 مليون دولار للفقراء ودعمهم، أصبحت هي طوق النجاة من الفقر، ويتأمل محمد يونس حين يرفض تقديم مساعدة مالية مباشرة لأي متسوّل أو محتاج في الطريق، لأنه لا يريده أن يعيش ليوم واحد، بل يريده أن يعيش طول عمره هو وأسرته. نموذج مثالي لمعالجة الفقر، ووفق إمكانات محدودة، ولكن الفرق هنا أنه وجدت الفكرة، والعزيمة، والصبر، والإيمان الداخلي بالفكرة لإنقاذ الأمة، والفقر ندرك عواقبه المستقبلية، سواء على صعيد الدولة ككل أو اقتصاديا أو اجتماعيا. نحن في بلادنا، والحمد لله، مجتمع مسلم يطبق الشريعة الإسلامية، ونؤمن بمساعدة الفقراء والوقوف معهم، ونص على ذلك القرآن الكريم والأحاديث، سواء بالصدقة أو إخراج الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام، ولكن نحن الآن نلاحظ أن مساعدة الفقراء تقوم لدينا على جهد حكومي مبعثر وغير كاف ولا يغطي كل الفقراء ولا كل المناطق، وهناك أيضا تجار ورجال أعمال يعانون من وجود زكاة لا يعرفون كيف تصرف أو توجه، وأتحدث عن ملايين الريالات، ونعرف ما حدث من استغلال للجمعيات الخيرية والإرهاب حتى أصبحت مصدر تمويل لهم، والدولة تقر مبالغ طائلة لمكافحة الفقر (أين صندوق مكافحة الفقر؟) ومساعدة الفقراء، ولكن أقول كل ذلك مقدر وجيد، ولكن يظل علاجا مؤقتا وغير دائم، وكأننا نعالج المريض بخفض الحرارة باستمرار دون معالجة المرض نفسه، لماذا لا ننشئ بنكا (بنك مكافحة الفقر) أو (بنك الإنماء الجديد نفسه) أو (بنك التكافل الاجتماعي) أي مسمي غير مهم، ولكن نريد بنكا يساعد الفقير على كسب العيش وقوت يومه وأولاده، وأجزم جزما قاطعا أنه لو وجد بنك حقيقي ويؤسس على أسس اقتصادية ويرصد له مليارا ريال أو خمسة مليارات ريال (بنك الإنماء 15 مليارا) بتقديم قروض للرجال والنساء لكي يكسبوا عملا من خلاله، وإيجاد بيئة عمل حقيقية بمهن صغيرة لهم وأولادهم (الفقراء) أو مصانع لمجموعات كبيرة، أعتقد هناك فكرة لمشروع كبير وضخم يمكن من خلاله إيجاد الحلول لمشكلة الفقر، والقضاء على التسوّل نهائيا، سيقول البعض هناك أرامل وأيتام وعجزة وغيرهم، وأقول أيضا حلولهم موجودة، بتوفير مخصصات ومساكن خاصة لهم من ريع هذه القروض التي تقدم للفقراء، فيكون مشروعا تكامليا كل يكمل الآخر وينمو مع الزمن والوقت. نحتاج للفكرة، والعزم، الإخلاص، والتنظيم، والدعم في البداية، والإدارة، وأجزم أنه لن يوجد فقير في بلادنا، ومتى أديت الزكاة أيضا على استحقاقها من التجار، لن يوجد فقير في بلادنا، لكن ما يتم من تقديم دعم مباشر ومادي، ويصرف غدا ثم البحث عن دعم آخر وهكذا، سيراكم المشكلة ويحلها، ككرة ثلج ستدمر الجميع مستقبلا. أتمنى خالصا إيجاد هذا البنك لخلق فرص العمل، وليس متلقي أموال في بيوتهم، وهم شباب وشابات أصحاء البدن والعقل.
إنشرها