نشأ الرجل في عائلة مسيحية وعندما كان أستاذ الدين يحاول البرهنة على وجود الله بالرياضيات، انبرى له جيفري لانج الذي كان طالب ثانوي يجادله في الأدلة. تضايق منه الأستاذ وطرده من حلقة الدرس مع الإنذار.
رجع الشاب إلى بيته وعندما سمع والداه القصة صعقا، وقالا: لقد ألحدت يا بني. يقول لانج إنه في الواقع كفر بالمسيحية الغربية، وهو ما يذكر بنيتشه الفيلسوف الألماني الذي أعلن موت الإله، وكان يقصد بذلك الكنيسة.
وبقي لانج على هذه الحالة من الإلحاد عشر سنين يبحث، ثم جاءه طائف من المنام، أنه يصلي في مسجد للمسلمين، خلف إمام متشح بعباءة، تحت نافذة تغمر المكان بالضوء.
وعندما نسمع عن أناس ألحدوا؛ فهم في الواقع من أشد الناس إيماناً بالله، وأكثر الناس كفرا بالمعتقد السائد الوراثي، وإبراهيم عليه السلام كان حنيفا منحرفا عن المشركين، ومحمد "صلى الله عليه وسلم" وصف بأنه صبأ عن دين قومه.
وكانت نقطة اجتماع لانج بالإسلام عن طريق عائلة سعودية، كان ابنها يتلقى العلم من أستاذ الرياضيات لانج، فأهدى أستاذه نسخة من القرآن المترجم للإنجليزية.
وصف أستاذ الرياضيات لانج الشاب السعودي بقامته الممشوقة أنه كان يذكره بأمراء الشرق.
وفي لحظة وميض جاءت المفاجئة من القرآن، ولم يكن سوى هذا الكتاب الذي شق له الطريق للتعرف على الإسلام كما حصل مع الكثيرين. و(كات ستيفنس) الموسيقي البريطاني المشهور، أصابته قشعريرة وهو يقرأ كتابا من دون اسم مؤلف، يستهل كل سورة بالرحمة مضاعفة.
وسيدة فرنسية من مقاطعة كيبك الكندية لم يجذبها إلى الإسلام سوى الاطلاع على القرآن من الإنترنت، لتكشف توافقا عجيبا في ذكر اليابسة والبحار بنسبة جغرافية كشفها العلم في القرن العشرين. وكلها تجارب تحكي أثر القرآن في الضمائر.
أولم يكفهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل؟
يصف لانج القرآن "شعرت أنني أمام أستاذ علم نفس، يسلط الأشعة على كل مشاعري المخبأة.
كنت أحاول مناقشة بعض المشكلات، فأجده أمامي بالمرصاد، يغوص في أعماقي فيجعلني عارياً أمام الحقيقة" وهكذا كانت رحلته مع القرآن والإسلام.
وعندما أراد دخول المسجد، يصف حالته النفسية على نحو مؤثر، كيف كان يقدم رجلا ويؤخر أخرى؛ فجاءت رؤياه حقا كما رآها في المنام، وهو ما اجتمع به في مسجد سان فرانسيسكو.
وقد أحسن به إذ أخرجه من فضاء العدم والإلحاد إلى هدوء وطمأنينة الإيمان.
ولا أخفي القارئ أنني لست من المتحمسين لمن أسلم، ليس ضنا بهم معاذ الله؛ ولئن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك مما طلعت عليه الشمس، كما أن اعتناق رجل أو امرأة لدين جديد قضية تخصه، ولكن خبرتي أن إسلام من يسلم لا يغير في المعادلة الإسلامية كثيراً، فيزداد عدد المسلمين الذين لا ينقصهم عدد، ولكنهم غثاء كغثاء السيل.
وأنا كنت أتتبع مسارب هؤلاء الذين أسلموا، لأعرف ما الذي دعاهم لاعتناق دين يعتبر أصحابه من الأمم الضعيفة في العالم، وينتشر بقوته الذاتية مع ضعف دوله سياسياً، فعرفت أن هذا برهان على عالمية هذا الدين. وأن الدولة خرافة.