لم يشأ خالد الهديرس ترك ورشته الخاصة بصيانة السيارات تدار من قبل عمالة وافدة، حتى وإن كان لديها من الخبرة ما يكفي لإصلاح أي عطل قد تتعرض له السيارة اللاجئة إليه تطلب الغوث.

ففي الصباح الباكر وبعد إيصاله أبناءه إلى مدارسهم يتجه الهديرس مباشرة إلى ورشته الحديثة في حي النسيم شرقي الرياض، ليقضي بقية يومه فيها حتى المساء، حيث يستمع إلى حديث زبائنه عن مشاكل سياراتهم، وفي أحيان كثيرة يقوم هو بفحصها والتأكد من الأعطال التي لحقت بها.

ويذكر الهديرس أنه اكتسب خبرته في هذا المجال بالاحتكاك المباشر بالمتخصصين في ورشته منذ 20 سنة، وتعرف على أسرار هذه المهنة من الصفر، لذا فهو يعمل بيده ولا يهمه اتساخ ملابسه النظيفة، وتكتمل مهمته بإنجازها كما ينبغي.

ويلفت انتباه زوار ورشة الهديرس وجود لوحة علقت في داخلها تحمل عبارة "عزيزي المواطن: إن إشرافك الشخصي على منشأتك هو طريق النجاح بإذن الله، ويكسبك الخبرة في مجال عملك مع الوقت، وتزداد ثقة العملاء بالمنشأة والعاملين تحت إشرافك".

ويكشف خالد الهديرس خفايا الورش الصناعية وكيفية إدارتها من قبل العمالة الوافدة حيث يقول: "إن أغلب الورش في منطقة الرياض تدار بواسطة عمالة غير سعودية، وهذه العمالة تعطي كفلاءها مبلغا متفقا عليه نهاية كل شهر، غير عابئة بضمان إصلاح السيارات، كذلك هي قطع الغيار المغشوشة المختفية عن عين الرقيب".

وأكد الهديرس بحسب خبرته الطويلة في هذا المجال، أن العامل يأتي وهدفه الكسب المادي السريع، وبالتالي العودة إلى بلاده للاستقرار والتمتع بما جمعه، لافتا إلى أن العامل غير سعودي إذا أراد أن يعمل بأمانة يجد محاربة من زملائه في الورشة، أو من العمالة في الورش الأخرى.

وأبان الهديرس أن عدد من يشرف على ورشته بشكل مباشر فئة قليلة جدا، مشددا على أن صاحب المشروع أيا كان عمله ينبغي أن يكون هو المشرف عليه والحريص على إدارته بالشكل المطلوب، إذا ما أراد النجاح لمشروعه.

وأوضح الهديرس أنه كان يعمل في شركة أرامكو، ليتركها ويفتتح مشروعه الذي بدأ صغيرا منذ 20 سنة دون أي خبرة سابقة في هذا المجال، مشيرا إلى وقوع دور كبير بينه وبين الزبائن المتمثل في الترجمة، حيث يقول: "أصبحت خبيرا في صيانة السيارات أكثر من المتخصصين الفنيين، فأنا موجود يوميا في ورشتي، وأعمل بيدي ولا يهمني أن تتسخ ثيابي النظيفة، المهم أن أنجز عملي كما ينبغي، حيث إنني لا أعتمد بعد الله على العمالة".

وعن العمالة الوافدة في ورشته أكد أنها أجنبية من شرق آسيا، لافتا إلى أن تعامله معهم كتعامله مع أصدقائه، إلى جانب عمله على حل مشاكلهم، بما فيها المادية، موضحا أن سبب عدم وجود العمال السعوديين في ورشته أن العامل السعودي لا يستمر في العمل، فبمجرد أن يجد فرصة وظيفية حكومية أو في القطاع الخاص يتجه إليها فورا لضمان الاستقرار.

فيما كان الهديرس يطرح على الشباب المتدرب لديه فكرة إتقان العمل وأخذ الوقت الكافي في التدريب، ومن ثم يستقل بإنشاء ورشة صغيرة، في دعوة منه إلى إحلال الشباب العاطل في هذا المجال بدلا من العمالة المغشوشة، مؤكدا أنها ستكسبه أكثر مما تعطيه أي وظيفة أخرى.

ويضيف الهديرس أن ورشته الصغيرة كبرت وصار لها شهرة مع الأيام، وأنه أصبح معروفا لدى كثير من الزبائن، مضيفا أنها أتت بتوفيق من الله ثم بالصدق والأمانة والنصح للزبائن، والحرص على نظافة السيارة الداخلية والخارجية، وخروجها من الورشة كما دخلتها.

وأوضح خالد الهديرس أن كثير من الورش تبالغ في تشخيص الأعطال، وطلب قطع غيار السيارات، مع أن الأمر لا يتطلب سوى تنظيف القطع أو عمل صيانة بسيطة لها.

وكشف الهديرس عمل بعض الورش، حيث يطلب من صاحب السيارة قطعة غيار، وعند إحضاره لها يتم صيانة القطعة القديمة وإعادة تركيبها مع الحرص على تنظيفها وتلميعها، والظفر بالقطعة الجديدة.

ولم يخف الهديرس ما يواجهه من بعض الزبائن حين يقارنون أسعار تصليح ورشته بأسعار العمالة المتستر عليهم، فيذهب إليهم لأنهم الأقل في السعر، ولكن لا يلبث أن يعود إليه بعد أن يكتوي بنار الغش وعدم إنجاز العمل كما ينبغي. ويؤكد خالد أن السوق تعاني من القطع المقلدة، والزبون لا يفرق بين الأصلية والمقلدة لتشابهها الكبير، مطالبا الشركات المنتجة بحفر اسم البلد المنتج ورقمها على القطعة ليتضح أنها أصلية.