أهمية تكريم رموز غرفة جدة... في منتدى جدة الاقتصادي

قدم الشيخ صالح عبد الله كامل عرضا في غرفة جدة الأحد الماضي عن ألأهداف الجديدة للغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة، والغرفة الإسلامية مسؤولة عن 600 غرفة تجارية وصناعية في العالم الإسلامي وخمسة وثلاثين مليون مشترك، واستطاع رئيس الغرفة الإسلامية الجديد إيجاز مشروع تطوير الأهداف بتسلسل في الأفكار وترابطها، خاصة الهدف من الهيئة العالمية للزكاة وهو مشروع رائد أجمع الحاضرون على أهميتها وأغلب الأسئلة انحصرت علي كيفية تفعيل هذا الهدف ونجاح تطبيقه، ويرى المجتمع الاقتصادي أن الأمل قريب وسوف يتحقق مع رائد ومؤسس البنوك الإسلامية في العالم الاقتصادي الحديث. هنا أعود إلى عنوان المقال وأقول إن اللافت للانتباه أثناء عرض أهداف الغرفة الإسلامية حديث الرجل الوفي في كل فاصل من العرض عن مآثر العم إسماعيل أبو داود، رحمه الله، في دعم أعمال الغرفة الإسلامية، وكأنه "يذكر ولا يتذكر" ويطلق عنان التكريم من منبر الغرفة ويقول لن ننسى رمز التجارة والصناعة شاهبندر التجار إسماعيل أبو داود، ومع حديثه يتجدد موضوع تكريم الرواد في عالمنا العربي خصوصاً، وأن أخطاء النسيان تصيبنا مع رحيل العمالقة أو خروجهم من مناصبهم. ولا أقصد هنا بطبيعة الحال تعاملنا الشخصي والعملي معهم من خلال "الكرسي والمناصب".
وما أقصده هو تدوين تاريخ من رحل أو الاستفادة من خبرات المسؤولين الحاليين، حفظهم الله، خصوصاً الذين تركوا بصمات تظل الأحداث شاهدة على إنجازاتهم، حتى وإن كانت مساحتها لا تتعدى المبنى والإدارة التي عملوا فيها، فما بالنا برجال أعمال أو مسئولين عملوا في كيانات ضخمة، تؤثر قراراتهم بشكل كبير في سياسة دولة بأكملها. وليس أمراً منطقياً أن يكون التعاطي مع تلك الخبرة بـ "التكريم" في حفلة عامة بسيطة أو خاصة، فكأننا نقول كما قال العم وهيب بن زقر (شكراً جزيلاً لتجربتك ومجهودك و"جزاك الله خيراً) لأنه سألني مرة ماذا تعرف عن تاريخ الغرفة التجارية ورجالها المؤسسين؟ للأسف إجابتي مثل بقية الأعضاء بسيطة عن تاريخ الرجال العظماء.
ولا أريد المبالغة في التشبيه، ولكن لننظر كيف تتعامل المنظمات الخارجية مع تاريخ المؤسسين، وكذلك مع الأعضاء السابقين أو مع كل مسئول سابق، وكيف يتحول إلى كتلة معلومات متحركة "خبير" يلقي المحاضرات في الكليات والجامعات، ويشرح وجهة نظره في كل الأحداث الماضية محاولاً ربطها وتفسيرها بالواقع والمستقبل.
أعود وأكرر، لست أحاول المقارنة بين التعاملين الخارجي والداخلي أو بين مسؤول في إدارة حكومية وخاصة، إنما أتكلم عن كل تجربة ثرية في الإدارة، خبرات ومعان إنسانية تأثر بها كل كان حوله، بل بقيت بصماتهم مدى طويلاً من الزمن. وأجد نفسي هنا، محملاً المسؤولية الكبرى لطرفي المعادلة، فالمسؤول "السابق" يحاول "التعفف" في تقديم تجربته، أو يحاول الهروب من تقديمها، حتى لا يعرض المسؤول الجديد لحرج المقارنة.
وفي الطرف الآخر من المعادلة، نظرة الجديد إلى السابق، على خلفية وجود انقسام حول أسلوب الإدارة ما بين مؤيد ومعارض، وهي نظرة أعتقد أنها "سطحية" إلى حد كبير، فنحن لسنا أمام "كل أمة تنسى سابقتها"، بل على العكس فكل مسؤول في المؤسسات ذات العلاقة بصناعة القرار في الوطن، مهما اختلفنا وتجادلنا معه وانتقدناه، يبقى صاحب تجربة ينبغي أن نتعلم منها للارتقاء في تحسين الهدف. في كل يوم يغادر مسئول شريف اجتهد كثيرا في خدمة المجتمع مهما كان حجم المنصب، الواجب الاستفادة من خبرته وتجربته في أروقة الجامعات والمؤتمرات الوطنية، ولكن للأسف الشديد لا نتعاطى معها، بقدر من الحرفية والمهنية والمصداقية.
لذلك نطلب من رئيس مجلس إدارة غرفة جدة الشيخ صالح بن علي التركي أن يضع في أولوياته، خبرات المسؤولين السابقين بـ (التكريم) مرة، والحديث عن تجربتهم مرة أخرى، وهو الذي بدأ الخطوة الأولى فيها مع رئيس لجنة التواصل الأستاذ عبد الغني صباغ، حينما بادر إلى زيارة كل رؤساء مجالس الإدارات السابقة ممن هم على قيد الحياة وكذلك الأعضاء السابقين، لقد كانت مبادرة رئيس الغرفة بزيارة الرموز خطوة أولى، أتمنى أن تتبعها خطوة أخرى نحو أبرز رموز الإدارة الذهبية في غرفة جدة وهما الدكتور عبد الله دحلان والدكتور ماجد القصبي، أمينا الغرفة السابقان.
وبعيداً عن الحرج، في أن يستنبط البعض لماذا تكريم هذين الشخصين تحديداً، أقول إن "بيت التجارة" الذي تحول الآن إلى "بيت الأعمال"، شهد خلال فترة وجود هذين الرجلين الرائعين خلقاً وعملاً، عصراً أقل ما يوصف بأنه "ذهبي"!
وأعترف هنا بأني ابن مكة المكرمة، الذي قدم إلى مدينة جدة في أوائل التسعينيات بخلفية أكاديمية ممزوجة بتربية تجارية على يد والدي ممثلا له وسفيرا. لم أسمع حديثا اقتصاديا يطرب سوى قدرات وشخصية الدكتور عبد الله دحلان، ذلك الرجل الإداري الأول في الغرف التجارية السعودية، وكل جيلي من شباب الأعمال تعرف بالدكتور الدحلان وتقرب منه وتعلم منه على الأقل "التعاون" و"العمل الجاد".
وحينما تسلم الدكتور ماجد بن عبد الله القصبي "أمانة الغرفة"، راهن الكثيرون ضده وأنا منهم، لكنه كسب تحدي الإدارة لأنه جسور لا يهاب في الحق والعمل، ويكفي التدليل على ما أحدثه من تغير كبير وتفاعل ما بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، في عهده البسيط استحدث أفكارا وأعمالا عادت على منطقة مكة المكرمة بالخير، وهو أول من أعطى الفرصة لشباب الغرفة وحوّل مهرجان "جدة غير" إلى ثاني أكبر مهرجان في الخليج بعد دبي "موثق إعلاميا في عهدة فقط"، وانطلق بمنتدى جدة الاقتصادي أمام كل الإجراءات الحكومية السابقة وثبت مكانته حدثا اقتصاديا في جدول المؤتمرات الدولية.
ختاما هناك رموز اقتصادية في جدة خدمت الغرفة التجارية هم وأبناؤهم يجب أن يكرموا بتوثيق تاريخهم وأعمالهم، هؤلاء الرموز الاقتصادية قدموا لنا فكرا ومنهجا في العمل التجاري واستراتيجيته التطوير والنظرة الشمولية في التعاون ذات الرؤية الثاقبة. وعلى أعضاء مجلس إدارة الغرفة الحالية أولاً ورئيس منتدى جدة الاقتصادي أخي سامي بحراوي ثانيا، أن يجعلوا من منتدى جدة الاقتصادي مناسبة سنوية لتكريم هؤلاء الرموز، بل ونطالب بأن يكونوا متحدثين في المنتدى عن تجربتهم الثرية في الإدارة والعمل المؤسسي.

<p><a href="mailto:[email protected]">Abdullahbinmahfouz@gmail.com</a></p>

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي