التخصص.. وأسر التفكير
<a href="mailto:[email protected]">yafarraj@hotmail.com</a>
لدي قناعة بأن هناك حاجة إلى لجان متخصصة للفصل في الخصومات المتعلقة بالعقار وفقا لإحصائيات ذكرتها في مقال سابق, ظهر من خلالها حجم القضايا العقارية وتنوعها وأنها تمثل في بعض المحاكم العامة في المملكة قرابة ثلث الوارد إلى المحكمة, الأمر الذي يعني استهلاك ثلث العاملين في المحكمة بمن فيهم القضاة وثلث الميزانيات في هذه القضايا، إضافة إلى الحاجة لتكثيف الخبرة, وتوظيف تراكم السوابق في خدمة القضاء لا سيما مع غياب وجود مدونة قضائية تقنن الأحكام الفقهية, وأهمية التقليل من الاختلافات في القضايا.
مع أن تخصصي في أحكام العقار في الفقه والنظام كما هو مسمى الزاوية وطبيعة العمل إلا أنني غير مقتنع بالحاجة إلى وجود محاكم متخصصة للعقار بالمعنى المتبادر والنظامي للمحكمة, ويكفي وجود لجان متخصصة في ذلك مع أنني سمعت العديد من المتخصصين والمهتمين يطالبون أو على الأقل يطرحون وبقوة أهمية هذه المحاكم, قد يكون من أسباب ذلك – المطالبة بالمحاكم العقارية - أن التخصص يأسر التفكير, ويبقي المختص مؤطرا بتخصصه ويغفل عن قواعد التفكير والقياسات الصحيحة عند طرح الفكرة والرأي, الموضوع أكبر مما أشرت إليه بل هو أكبر من أن يحصر في العقار وقضاياه, هو برأيي خلل في التفكير, ومانع من التصور الصحيح فكم من ظان بأهمية تخصصه وهو معذور بذلك ولكن أن يتعدى الأمر إطار الأهمية إلى المطالبات الطوباوية, بل والزعم أن الناس بأمس الحاجة إلى هذا التخصص فهو أمر غير مقبول وبحاجة إلى الكثير من التأمل.
وعودا إلى موضوع المقال فمن الملاحظ أن هناك نشاطا عقاريا كبيرا وصل إلى تخصيص قنوات فضائية عقارية, فضلا عن المجلات والصحف المتخصصة إلا أن بعضها بحاجة إلى تقويم ومراجعة في مدى الحاجة إلى هذا المستوى من الاهتمام, وأظن أن بعض القائمين عليها تورط وأسر بتخصصه, وبالغ في حجم الحاجة, وفي هذا السياق فهناك حاجة إلى وجود دورات ومناهج متخصصة بالعقار في أحكامه النظامية والفقهية, ومسائل التطوير والتسويق والتمويل والجوانب البلدية "الفنية", ويمكن في حال أمكن صياغة مناهج وخطط في هذه المواضيع أن يرتقى الأمر إلى وجود معاهد عقارية متخصصة, وهي موجودة بالفعل ولكنها – حسب علمي – غير مفعلة, ولكن أن يتعدى الأمر إلى المطالبة بوجود كليات عقارية فهذا من أسر التخصص للتفكير.