المرأة السعودية تنادي بإيقاف الحرب
<a href="mailto:[email protected]">Hatoon-alfassi@columnist.com</a>
13 يوماً منذ بدأ العدوان الإسرائيلي حملته الانتقامية على لبنان شعباً وحجرا دون أن يقطع عمليات تدميره للبنية التحتية والفوقية للشعب الفلسطيني ومحاصرته له في غزة والضفة الغربية. ومنذ ذاك التاريخ والعالمان الغربي والعربي يتفرجا بامتياز، بما فيه نحن، نتابع ما يجري من قناة إلى أخرى وكأننا نتشارك معهم معاناتهم ومآسيهم، وطبعاً مع الفارق.
خلال هذه المدة أعطت القوى العظمى، الضوء الأخضر لإسرائيل للاستمرار في حملته الهمجية للقضاء على حزب الله الذي تجرأ وأسر جنديين إسرائيليين دون أن يستشير فيهما القاصي والداني. وتجاهل المؤيدون لإسرائيل والداعمون لها بصفة مطلقة مناداة حزب الله بمبادلة الجنديين بالأسرى اللبنانيين القابعين في السجون الإسرائيلية منذ أكثر من 28 عاماً دون أن يحرك أحد ساكناً، وتجاهلوا عدم تطبيق إسرائيل أيا من قرارات الأمم المتحدة التي تدعوها للانسحاب من لبنان وإرجاع ما تبقى من أراضيه المغتصبة إليه. أي أننا أمام دولة يعترف بها العالم المتقدم وعدد من الدول العربية وتمارس إرهاب الدولة ويُتعامل معها من تلك الدول كدولة مكتملة الأهلية ولها حقوق زائدة على جيرانها من ذلك أن على كل جيرانها أن يكونوا منزوعي السلاح بينما لها وحدها الحق في تطوير سلاحها، امتلاك أسلحة الدمار الشامل، امتلاك القنبلة النووية، استيراد أحدث أنواع الأسلحة الأمريكية المتطورة, التي أصبحت السلاح الأول في العالم، امتلاك واستخدام الأسلحة المحظورة دولياً، التمتع بحماية دائمة من الدولة الدائمة في مجلس الأمن، الراعية الأمريكية كما حدث الأسبوع الماضي عندما صادرت أمريكا بالفيتو قرارا أمميا بإيقاف الحرب.
وهكذا تفعل في الواقع ما يحلو لها، و"تمون" على ربّـتـها أمريكا للحصول اليوم على آخر ما خرجت به إبداعات الترسانة الأمريكية، قنابل توجيه دقيق precision-guided bombs وقنابل توجه بالليزر وبالساتلايت laser and satellite-guided bombs . وأعلنت صحيفة "النيويورك تايمز" الجمعة 21/7/2006, أن الولايات المتحدة تسارع في إتمام هذه الصفقة للعدو الصهيوني في هذه الأيام "العصيبة" عليه حتى يتمكن من القضاء على حزب الله، وهي صفقة تبلغ عدة ملايين من الدولارات. وتحاول الإدارة الأمريكية التكتم على هذه الصفقة حتى لا تُغضب حلفاءها في المنطقة العربية، كما تقول الصحيفة، مع أنه لا أعتقد أن أحداً سيغضب إلا إذا لم يحصل على صفقة مشابهة. وبما أنه لا يمكن لدولة عربية أن تحصل على صفقة مشابهة، فلا بأس من أي صفقة كانت، مع ملاحظة أن الصفقات العربية مدفوعة الثمن، بينما الصفقات الإسرائيلية تُسدد من حساب الإعانات الأمريكية للربيبة المدللة التي يدفعها المواطن الأمريكي من ضرائبه.
فماذا يمكننا أن نفعل في هذه الدائرة التي تضيق الخناق على الشعبين اللبناني والفلسطيني في الداخل وعلى الشعوب العربية التي ترغب في المساعدة ولا يمكنها ذلك لأسباب لوجستية من أهمها عدم وجود طريق آمن لإيصال أي معونات عينية إلى لبنان. وفي هذا السياق التقت على فعل الخير نساء سعوديات في عدد من مناطق المملكة بشكل فردي إنساني غير منظم ولكنه يحمل نواة النية الصادقة للقيام بحملة تعبر عن مساندة نساء السعودية للنساء والأطفال في لبنان وفلسطين في محنتهم القاسية. نساء العالم وجهن نداء إلى جميع الدول، بصوت الأمهات الثكالى والأيتام والجرحى والمهجرين لإيقاف العدوان الإسرائيلي عن هذين الشعبين اللذين يقاسي مدنيوها الأمرين من "دولة" تستهدف المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن بالقتل والتشريد وباستخدام الأسلحة المحرمة، في ممارسة يومية لإرهاب الدولة تحت ناظري العالم. ويطالبن بمحاسبة العدو الصهيوني على خرقه القوانين الدولية، ويدعون إلى السلام لتنعم الشعوب بالأمان والحرية والحياة الكريمة.
وقد كان للعمل الجماعي الذي نتج عن كتابة هذا النداء، على الرغم من فترة الإجازات، دور إيجابي في جذب عدد كبير من النساء من المناطق كافة للتفاعل والتجاوب. وعبر الجميع عن رغبتهن في المشاركة في أكثر من مجرد خطاب، ولكننا نؤمن بأن الكلمة ذات فعل مهم في المجتمع المتحضر, ويجب أن نحاول استخدامها دوماً للتعبير عن قضايانا. وقد تولت بعض وسائل الإعلام الناطقة باللغتين العربية والإنجليزية نشر نص النداء حتى قبل اكتمال عدد الموقعات. ولكن التحدي هو .. وماذا بعد؟
إن العمل التطوعي لا يعرف حدوداً، وكل ما يمكن عمله يجب القيام به، وإن كانت خبرتنا في هذا السياق محدودة، ولكن ذلك لم يمنعنا من المحاولة. وتتولى اليوم مجموعة من السيدات ما بين جدة, مكة, المدينة, أبها, الرياض, الدمام, الأحساء, القطيف, عنيزة, وتبوك, القيام بالتعاون لجمع تبرعات عينية من أدوية وأغذية وألحفة وخيام واحتياجات أطفال ومعوقين ومرضى ومن ثم إرسالها عبر عدد من الجهات، كالهلال الأحمر ومقر الأمم المتحدة ومنظماته الموجودة في الرياض (وذلك على الرغم من تأخره في وضع خطة عمل للإغاثة إلى يوم السبت الماضي، أي بعد عشرة أيام من الغزو، واقتصر جهده على تخصيص حساب مصرفي لاستقبال الإعانات المادية)، والجاليات اللبنانية المقيمة هنا، مع الاستعانة بعدد من الشخصيات اللبنانية ذات العلاقة بجمعيات إنسانية وخيرية لتزودنا باحتياجاتها بشكل دقيق. وإن كانت وسائل الإعلام الفضائية والصحافية تقوم بدور جيد في الإسهام في الإعلان عن ذلك من خلال مقابلاتها المختلفة مع الجمعيات الإنسانية العاملة هناك.
إن هناك قناعة أن النساء هن راعيات السلام في العالم مبنية على تجربة وخبرة. فالمرأة كانت وراء إيقاف الحرب العرقية في كينيا، والمرأة كانت وراء إيقاف الحرب على فيتنام، وكانت المرأة الإسرائيلية، أمهات الجنود، من وقفت لدولتها حتى تخرج من لبنان وتسلّم للمقاومة اللبنانية التي لم يسلم منها أبناؤها عام 2000. وفي المقابل فإن التجربة والتاريخ يؤكدان أن الحروب عبر التاريخ وحتى اليوم لا يقودها ويثيرها إلا الرجال. إن النساء السعوديات يرغبن في أن يقدمن صورة مختلفة لما يجب أن يكون عليه العمل الجماعي والتطوعي.
ورحم الله شهداءنا من الأطفال والنساء والرجال والشيبان في لبنان وفلسطين، وأمد الأحياء منهم بالصبر والثبات، وقوانا على مساندتهم، آمين.