غريغوري راسبوتين

غريغوري راسبوتين

<a href="mailto:[email protected]">kjalabi@hotmail.com</a>

ليس من شقي وغد مثله، ولا زير نساء غرر بالنساء واخترق الطبقة المخملية مثل هذا القس الداعر، ولكن التاريخ يضحك دوما، وهو يسطر الأسطر الأخيرة لانهيار الإمبراطوريات في صور تافهة مثل هذا الرج، الذي كتب حوله أكثر من مائة كتاب، قرأت أنا كتابا كاملا بقلم كولن ولسن صاحب الكتابة الموسوعية، مثل المنتمي وما بعد المنتمي وسقوط الحضارة وأصول الدافع الجنسي وخفايا الحياة. والرسالة التي تركها هذا الوغد للقيصر نيقولا الثاني سجلت تنبؤا غريبا فقد كتب يقول:اكتب رسالتي هذه لأتركها برهاناً لي في مدينة القسيس بطرسبورج، وإني لأشعر أني مفارق هذه الحياة، قبل اليوم الأول من كانون الثاني (يناير)، وأتمنى أن يدرك كل الشعب الروسي وجميع الأطفال الروس والتراب الروسي العطر ما يجب أن يدركوه: (إذا ما قتلني إخوتي من فلاحي روسيا فلا خوف عليك أيها القيصر وسيبقى عرشك حاكماً. ويا أيها القيصر لا تخشى على أطفالك شيئاً فإن لهم حكم روسيا لمئات السنين. ولكن إذا اغتالني أفراد العائلة المالكة والنبلاء وأهدروا دمي فسوف تظل أيديهم ملطخة بدمي، ولن تغسلها السنوات الـ 25 المقبلة، ولسوف يَهْجرون ويُهَجَرون من روسيا، تاركين الأخ يقتل أخاه، ولن يكون للنبلاء مكان في البلاد لـ 25 سنة المقبلة.
يا قيصر الأرض الروسية: إذا ما سمعت مناديا ينبئك بمقتلي؛ فعليك أن تعرف التالي: إن كان قاتلي من أهلك فلن يبقى منك ومن ذريتك أحد حياً في سنتين بعد موتي، وسيكون قاتلكم شعبك الروسي.
إنني أرحل وفي داخلي أمر إلهي؛ أن أخبر القيصر الروسي بالذي عليه فعله بعد رحيلي.
توخ الحكمة فيما أنت فاعل ومقدم عليه، وترقب صدى ذلك في نفوس رعاياك.
عليك بسلامتك، واخبر من حولك من الأقرباء، أني أشاطرهم بقاءهم بدمي. إنني مغادر الدنيا، ولم أعد من أحيائها فصل لأجلي.
صلِ وكن قويا، واعتن بعائلتك المباركة.. غريغوري".
هكذا كان نص الوصية التي تركها خلفه الراهب الروسي القادم من سيبيريا (جريجوري بيفموتش)، الذي اشتهر في بلاط القيصر نيقولا الثاني، آخر الأباطرة الذين حكموا روسيا قبل الثورة البلشفية باسم (راسبوتين).
وتحققت كامل النبوءة.
فمات قتيلاً على يد (يوسبوف) أحد أعضاء العائلة المالكة في ليلة 29 من كانون الأول (ديسمبر) من عام 1916 م. وقضي على العائلة المالكة بكاملها في (كاترينبورج) عام 1918م.
واندلعت حرب أهلية شرسة بين الروس البيض وفي صفوفهم النبلاء والطبقة الأرستقراطية من العهد القديم في مواجهة الشيوعيين الحمر، مات خلالها الملايين، وهربت طبقة النبلاء، تاركة روسيا لأكثر من 25 سنة؟
ومات خلال أشهر من الحرب العالمية الأولى أربعة ملايين شاب.
كانت هذه النبوءة الأغرب من نوعها، وتفوق الخيال، وعندما كان يتمشى الوغد بمحاذاة نهر (النيفا) قال: إني أراه ممتلئاً بدماء الدوقيين والنبلاء.
وهي نبوءة لما حدث بعد عام من قتله.
ثم كتب المجرم لعائلته يرى فيها الموت الوشيك يقترب منه.
بعدها خط بيده إلى العائلة المالكة هذه النبوءة الغريبة التي تحققت بالكامل في تصادف لافت للنظر، وحس نفاذ لرؤية ولادة الأحداث العظام من رحم التاريخ، التي ولدت في تلك الأيام كما خلدها فيلم (عشرة أيام هزت العالم).
ويقول عنه (كولن ولسن) الذي كتب عنه كتاب كامل بعنوان:(راسبوتين وسقوط القياصرة): (عجزت أغلب رموز التاريخ الحديث أن تثير عن شخص هذا الكم الهائل من الأدب الحسي واللاواقعي كما أثاره غريغوري راسبوتين).

الأكثر قراءة