100 دولار للنفط ليست كارثة
<a href="mailto:[email protected]">Fax4035314@hotmail.com</a>
تتسارع الأحداث الآن في منطقة الشرق الأوسط ، وعلى الأخص في لبنان، بعد إعلان الحرب من قبل إسرائيل، ولسبب واحد معلن وهو خطف جنديين إسرائيليين، وهي ليست الحقيقة كلها على أي حال. وبعيدا عن التحليل السياسي الذي أتركه للسياسيين الأكثر خبرة ومعرفة ودراية، وأركز هنا على النفط، النفط الذي يعتبر المصدر الأساسي للدخل القومي لنا هنا في المملكة. ارتفع سعر النفط تزامنا مع الأحداث الجارية في لبنان، حتى أن سعر النفط برنت قارب أن يلامس 80 دولارا، وهي أسعار قياسية كبيرة، لم تسجل من قبل وهي قابلة للارتفاع أكثر من الانخفاض، وهذا الارتفاع تزامن مع الأزمة وليس لسبب قوى السوق, أي العرض والطلب، بل هي ظروف سياسية فرضت هذا الارتفاع، لسبب أن إيران تهدد بالرد على أي اعتداء قد يتم على سورية الحليفة، وإيران هي دولة نفطية أساسية، وقد يجر المنطقة إلى مجهول لا يعرف أين ينتهي أو يتوقف.
هذا الارتفاع للنفط كسعر، وهو ما يحاول الإعلام الأمريكي خصوصا أن يركز عليه بأن الأسعار مرتفعة جدا، وأنها ستكون عائقا للنمو الاقتصادي الأمريكي، وتؤدي إلى زيادة التضخم، وخلل في ميزان المدفوعات مع الدول النفطية، التي يرى الإعلام الأمريكي أن دول المنطقة هي "محطة بنزين لها"، تظل التهمة قائمة بأن أسعار النفط مرتفعة، وهي فعلا مرتفعة، ولكن بأسعار الثمانينيات من القرن الماضي الميلادي يظل سعر 80 دولارا أمريكيا لا يشكل حقيقة 40 دولارا أمريكيا، ولو ركزنا على ما يقوله الاستراتيجيون الأمريكيون هناك لعرفنا كيف تفكر العقلية الأمريكية، فهذا ويليام انداهل أشار في كتابه "السياسة الأنجلو أمريكية والنظام العالمي الجديد" إلى أن هناك ثلاثة أهداف رئيسية تسعى إلى تحقيقها السياسة الخارجية الأمريكية، وهي تأمين الإمدادات النفطية، يليها تأمين الإمدادات النفطية، ثم تأمين الإمدادات النفطية. لكن السؤال الأهم هو: كم قيمة الدولار الفعلية؟ وأقصد بها كقوة شرائية متداولة في الاقتصاد العالمي؟ هل القوة الشرائية للدولار قبل 20 سنة هي القوة نفسها الآن؟ لا بالطبع هي ليست الشيء نفسه، رغم الأسعار الحالية للنفط التي تتقلب تبعا للأزمات الحالية، القوة الآن هي أقل كقوة شراء في ظل وجود اليورو والين الأقوى, خصوصا اليورو الأوروبي كعملة دولية، ما يحدث الآن هي أن قيمة الدولار منخفضة مقارنة بالعملات الأخرى، وبالتالي فإن سعر الصرف يكون أقل أمام هذه العملات، بمعنى نحتاج إلى دولارات أكثر لمواجهة قوة اليورو والين والجنيه الاسترليني، وهذا ما يضع قوة الدولار ضعيفة وغير مجزية، الكويت "مثلا " تلجأ إلى سلة عملات تفاديا لهذا الضعف للدولار، ولكن تظل دولة نفطية ترضخ للدولار الأمريكي، والمملكة تستورد ما يقارب 40 في المائة من وارداتها بالدولار و30 في المائة باليورو و30 % في المائة بالين الياباني وعملات أخرى كالفرنك السويسري، من هذه الإحصائية المبسطة نرى كم هي خسارة اقتصادنا الوطني من الارتباط بالدولار الأمريكي. وأقدر صعوبة التغيير مع التوجه للعملة الموحدة خليجيا، ولكن ما أورد التركيز عليه تحديدا هو، أن سعر النفط ليس مرتفعا حتى وإن وصل إلى 100 دولار أمريكي, وهو متوقع في شتاء 2006، لظروف كثيرة يمكن تبريرها، عدم وجود طاقة إنتاج جديدة كافية، نمو الصين والهند والاقتصادات العالمية، مشاكل نيجيريا والقلاقل الداخلية، أزمة الشرق الأوسط، وغيرها من الأسباب، إذا الارتفاع مبرر بقوة العرض والطلب والظرف السياسي الآن بلبنان. الجانب الآخر التركيز على الإعلام الغربي حتى وإن كان بإعلانات مدفوعة في الصحافة الأمريكية أو الأوروبية، أن الضريبة التي تفرض على المواطن الأوروبي أو الأمريكي تفوق عائداتها ما تحصل عليه الدول المصدرة للنفط، لأن ضريبة النفط ومشتقاتها للمواطنين في هذه الدول تفوق قيمة الشراء مما يوفر دخلا لهذه الدول يفوق فاتورة ما يدفع لشراء هذا النفط. وأخيرا على دول الخليج أن تعمل على الفكاك من هذا الدولار الضعيف والمقصود ضعفه من البنك الفيدرالي الأمريكي، وهذه قصة أخرى، ولكن يجب أن ندرك أننا من غبن إعلامي غربي بصمت عربي و"أوبك " صامتة، وأن مظهر 80 دولارا للنفط رقما كبيرا، وهي حقيقة لا تعني إلا ما يقارب 40 دولارا، وهذه الـ 40 دولارا اليوم لا تعادل إلا 20 دولارا بسعر اليوم، فنحن نريد دولار الثمانينيات لا دولار ما بعد 11 أيلول (سبتمبر)، فهل يدرك مسؤولو الخزانة المالية لدينا ووزراء النفط في هذه المنظمة المسماة "أوبك "، وأخيرا الرئيس الأمريكي يصرح قبل فترة برغبته في التخلي عن نفط الخليج العربي خلال 25 عاما، ولا أعرف من يجبني عن سر احتلال العراق النفطي، وليس الكنغو في وسط إفريقيا لنشر الديمقراطية أيضا هناك مع بعض ربطات الخبز؟