ما نعرفه ونجزم به أنه لا خلاف على أصول الشريعة، أما بالنسبة للفروع في الفقه فإن الخلاف حولها قائم منذ عهد الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ولا يزال الاختلاف في الفتوى موجودا بين الفقهاء والعلماء، وهو اختلاف صحي لا يدعو إلى شقاق ولا إلى تجهيل الآخر، وتأثيمه. وما دام الاجتهاد في الفروع ليس بجديد وهو أمر درج عليه التابعون والأئمة، فإن مَن يبحث عمن يجيبه ويفتيه في شؤون دينه ودنياه سيدع قول الآخرين ويعمل بقول من يثق به. واليوم تقف الشعوب العربية ما بين مكذب وهم كثرة، ومصدق وهم قلة، لما يسمعونه في بلدانهم من مصطلحات سياسية بشأن الديمقراطية والانتخابات وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير. معظمهم لم يعد يبالي بما يشاهده يوميا ويتردد على مسامعه بين ساعة وأخرى ليقينهم بهزلية المشهد، وهناك آخرون يرون في هذه النغمة تدرجا منطقيا لا بد منه حتى نصل إلى شيء مما نريده ولو بعد أمد بعيد، المهم أن نبدأ، فهم يعتقدون أنها بداية قد تبعث أمل الروح في جسد كفِّن ودفن!!
واليوم أصبح الناس في حيرة من فتاوى موجهة تقدم بغلاف شرعي يدغدغ ـ من حيث نعلم أو لا نعلم ـ غيرتنا على ديننا وصلابة تمسكنا به، لكن مضمونها "الفتوى" ينبئ بغير ذلك.. هناك آية قرآنية تقول "وأمرهم شورى بينهم"، وهناك حكمة بليغة تقول "لو دامت لغيرك ما اتصلت بك". وفي يوم الإثنين الماضي ظهر علينا عالم حديث عربي داعيا إلى "عدم منافسة الرئيس في الانتخابات" ومشددا في فتواه على أن "منافسة ولي الأمر غير جائزة شرعا".. والحقيقة أننا كشعوب لم تعد لدينا القدرة لا على التوفيق ولا على التفريق بين القول الرباني المنزه، وما نطقت به الحكمة، وما أفتى به العالم المعاصر!! ولأن مثل هذا القول لا يمس أناسا محدودين، بل قد يأخذ به البعض ويتذرعون به في تقرير مصير شعوب، فإن الأمر يستدعي أن نستمع بإصغاء إلى رأي علماء المسلمين المتبحرين في العلوم الشرعية والمعروفين بسعة علمهم وثقة الناس بهم.
السؤال: ما مدى صحة هذه الفتوى؟ الجواب: فتوى رصينة من مجمع الفقه الإسلامي.
أعينوه إن كان على حق وقوّموه إن كان على غير ذلك.