معلنون يستغلون لهفة المريض لترويج أدوية وخلطات ضارة

معلنون يستغلون لهفة المريض لترويج أدوية وخلطات ضارة

صدر الأسبوع الماضي بيان من وزارة الصحة حذرت فيه جميع شركات ووكالات الأدوية ومحلات العطارة من استخدام وسيلة الإعلانات العامة في الصحف المحلية دون التنسيق مع الإدارة المختصة بها قبل نشر الإعلان. ودعت وزارة الصحة في البيان جميع الصحف والمجلات المحلية إلى عدم نشر إعلانات دعائية للمستحضرات العشبية والمركبات التي لها ادعاءات طبية غير مسجلة في وزارة الصحة وتباع في بعض الصيدليات ومحلات العطارة وتصف هذه المستحضرات بغير حقيقتها المعروفة دون أخذ الموافقة من وزارة الصحة ممثلة في الإدارة العامة للرخص الطبية وشؤون الصيدلة. وتأتي هذه الخطوة حرصا من وزارة الصحة على سلامة وصحة المواطن، خصوصا بعد انتشار إعلانات المستحضرات العشبية في الفترة الأخيرة رغم تحذيرات الوزارة المتكررة ورغم جهود وزارتي الثقافة والإعلام والصحة في محاربة هذه القضية. وكان محمد بن علي علوان وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للإعلام الداخلي المكلف قد أكد في تعميم على جميع الصحف والمجلات الداخلية عدم نشر مثل هذه الإعلانات إلا بعد موافقة وزارة الصحة. إعلانات كاذبة وفي تعليق على اتخاذ هذا القرار صرح "للاقتصادية" الدكتور خالد مرغلاني المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة أن هذا القرار قد صدر نتيجة ادعاءات غير صحيحة تقوم بها بعض شركات الأدوية والعطارين الذين نشطوا أخيرا من خلال الإعلان في الصحف المحلية عن بعض منتجاتهم التي لم يتم التثبت مما يدعيه أصحابها في تلك الإعلانات. وقال مرغلاني إن وزارة الصحة ستقوم بفسح الإعلانات المتضمنة أدوية قد تم تسجيلها في الوزارة وحصلت على تصريح يسمح ببيعها، إضافة إلى أن الوزارة تقوم دوريا بتحليل الأدوية الحديثة في مختبراتها، ومن ثم يتم الفسح لها أو منعها، أما التي ليس لها إثباتات أو براهين فلا يتم الفسح للإعلان عنها. وأكد مرغلاني أنه قد ثبت كذب كثير من الادعاءات التي وردت في بعض الإعلانات، وضرب مثلا بما حدث أخيرا من ظهور شخص يدعي اكتشاف محلول لعلاج أنواع السرطان كافة، وبعد تحليله في مختبرات وزارة الصحة تبين أن هذا المحلول ليس له أي فائدة، ويحتوي على نسبة عالية من محلول التوت. وسبق أن ظهر شخص يدعي قيامه بالتوصل إلى محلول يشفي من مرض السكري ومن خلال تحليل هذا المحلول تبين كذب هذا الادعاء، وأضاف: "هؤلاء الباعة يدركون أن المريض يتعلق بقشة، فيستغلون هذا الأمر للترويج لمستحضرات ووصفات ضارة بأسعار خيالية". شكاوى متكررة وأكد مرغلاني ورود شكاوى إلى وزارة الصحة تجاه بعض المستحضرات والوصفات، وأوضح أن الوزارة تقوم في هذه الحالة بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة بمنع الترويج للأدوية والمستحضرات المخالفة، وإيقاف بائعيها، وقد يتطور الأمر إلى سجنهم في حالة حدوث أضرار أكيدة نتيجة بيعهم لهذه المستحضرات. وأوضح مرغلاني أن على كل من يرغب في الحصول على فسح ليعلن عن دواء أو مستحضر طبي فعليه التوجه للإدارة العامة للرخص الطبية أو لإحدى مديريات الشؤون الصحية، ويقدم لهم الدواء مع بيان محتوياته وذكر مفعوله، وتقوم إدارة الرخص الطبية أو المديريات بتحويل هذا الدواء لإدارة المختبرات بوزارة الصحة لإخضاعه للتحليل ومن ثم التأكد من مطابقته للشروط الصحية، ومن مفعوله وآثاره على جسم الإنسان، حيث إن كل دواء أو صفة عشبية لا بد أن تخضع لدراسات علمية تؤكد فاعليتها. وحول وجود قائمة بالمستحضرات والأدوية التي تم التحذير منها من قبل وزارة الصحة يستطيع المستهلك الرجوع لها والاستفادة منها ذكر مرغلاني أن الإدارة العامة للرخص الطبية لديها قائمة واضحة بذلك. وأوضح أن وزارة الصحة تتعاون مع جميع الجهات المعنية بهذا الأمر داخل المملكة، إضافة إلى تعاونها مع وزارات الصحة خارج المملكة في حال وصول بعض الأدوية أو المستحضرات والوصفات العشبية من بلد آخر؛ للاستفسار عن هذه المستحضرات وأصحابها، والتحذير منهم في حالة اكتشاف ضرر ما ينتجونه. أعشاب "كيماوية" من جانبها أكدت الدكتورة هيا الجوهر رئيسة قسم الأجهزة والدراسات في المختبر المركزي للأدوية والأغذية بوزارة الصحة أن المختبر قام بتحليل الكثير من الأدوية والمستحضرات المعلن عنها، وأكدت التحليلات احتواءها على مواد كيماوية ضارة. وذكرت الجوهر أنها قامت بتحليل دواء إندونيسي لمرض الروماتيزم ينتشر استخدامه بين كبار السن، وهو عبارة عن حبوب يدعي مروجوها أنها مكونة من أعشاب طبيعية وبعد تحليلها ثبت احتواءها على مادتي البروفن والأستومينوفيل، وهما مادتان مسكنتان للألم يتناولها المريض فيسكن عنه الألم فيظن أنه شفي، ويظن كذلك أنه يتناول أعشابا طبيعية بينما هي كيماوية. وأكدت الجوهر أن الأثر السيئ لهذه المستحضرات لا يظهر إلا بعد فترة زمنية طويلة، مما يسهم في إقناع المستهلك بعدم وجود ضرر لهذا العلاج المزعوم. ورحبت الجوهر بقرار وزارة الصحة بعدم السماح بالإعلان عن أي دواء أو مستحضر لم يحصل على فسح من وزارة الصحة، موضحة أن الإعلان في الصحف عن أي دواء أو خلطة أو مستحضر يعطيه مصداقية في نفس المستهلك كون الإعلان صادرا في صحيفة لها مصداقيتها. وحول ملاحقة الإعلانات التي تطبع في نشرات توزع على المنازل وأمام المساجد أو أخبار في منتديات الإنترنت أوضحت الجوهر أنه من الصعب أن تقوم وزارة الصحة بحصر هذه الإعلانات، وأفادت أن الأفضل من ذلك توعية المستهلك في وسائل الإعلام؛ فالتثقيف أهم من المنع، والمستهلك الواعي يقطع نصف الطريق على التجار المستغلين، وأكدت أن برنامجا توعويا يعرض لمدة عشر دقائق في التلفاز، ويبحث ما يمس حاجة المستهلك يخدم أكثر بكثير من ملاحقة بائعي هذه المستحضرات. وشددت الجوهر على المواطن بأن لا يصدق هذه الإعلانات، وألا ينشرها بين الناس عن طريق الحديث في المجالس أو في منتديات الإنترنت، ولا يكون وسيلة دعائية مجانية لمواد ضارة، وأوضحت أنه من الممكن أن يتواصل المستهلك مع الجهات المعنية (المسؤولين عن الطب البديل في وزارة الصحة – كلية الصيدلة – الأطباء والصيادلة بصفة عامة) من أجل التأكد من سلامة ما يرغب في استخدامه. وأبدت الجوهر أسفها لحال بعض المستهلكين الذين لا يثقون بالنصائح الصادرة عن الجهات العلمية الموثوقة، ويقولون: "أنتم تخوفون الناس" ويسمع لهذه الإعلانات ويصدقها. ألاعيب المعلنين وأوضحت الجوهر أن بعض المعلنين لهذه المستحضرات كانوا يقومون بوضع عبارة في إعلاناتهم توضح أن المنتج المعلن عنه مرخص من وزارة الصحة ولا يذكرون وزارة صحة أي بلد، حيث إن بعضها مرخص من وزارات في بلدان أخرى وليس من وزارة صحة المملكة، ويقوم معلنون آخرون بوضع رقم ترخيص أو تشغيل مزعوم لإقناع المستهلك بأن الدواء مرخص. وأبدت الجوهر استياءها من حدوث هوس غير طبيعي في البحث عن هذه المستحضرات، في ظل ظهور إعلانات في الصحف والمجلات لمستحضرات يدعي أصحابها أن لها قدرة خرافية، وقالت إن من يقرأ عبارات إعلاناتهم يذهل من تمتع تلك المستحضرات والخلطات بقدرات عجيبة خرافية فاقت ادعاءات السحرة والمشعوذين. ويظن من يقرؤها أن أمراض العالم ستختفي بسببها من هول ما يدعي بائعوها. وأوضحت الجوهر أن كثيرا من هذه الأدوية تأتي من البلاد الآسيوية عن طريق شخصي أو عن طريق الخادمات، والبعض يحضرها عن طريق المطارات مدعيا أنها للاستخدام الشخصي ومن ثم يروجها، زاعما أنها أعشاب طبيعية وهي في الحقيقة مواد كيماوية، ويتم ترويج بعض هذه المستحضرات بعبارات تخدش الحياء. إضافة إلى أن عبوات هذه المستحضرات تفتقد لأبسط قواعد السلامة والنظافة وذكرت الجوهر أنها سبق أن عثرت في بعضها على أوساخ وبقايا شعر، كما أن هذه العبوات لا تحفظ في الجو الملائم لها، ولا يتم الاهتمام بتاريخ صلاحيتها. وفي تساؤل حول عبارة "الأعشاب إن لم تنفع لا تضر" التي يتداولها بعض الراغبين في العلاج بالأعشاب قالت الجوهر: "إذا سلمنا بأن هذه المستحضرات مكونة من أعشاب طبيعية فإن هذه العبارة غير صحيحة 100 في المائة؛ فالعشبة لها وقت محدد للاستخدام، وبعضها يضر في حالة استخدامها في غير وقتها، وورد في كتب الطب القديم التي تبحث في الأعشاب أن تفاعل الشخص مع المواد العشبية يختلف من شخص لآخر مثلها مثل الأدوية الحالية، فقد تجد دواء يستفيد منه إنسان بينما لا يستفيد منه شخص آخر، وكذلك تختلف من حيث سميتها، وبعضها سام في ذاته، وأيضا تختلف من خلال تداخلها مع الغذاء وأخرى لا تؤخذ في حالات مرضية معينة فمثلا: الرشاد الذي يسهم في إسقاط الجنين إن تناولته المرأة الحامل، والميرمية تقلل نسبة الحليب عند المرضع، والعرقسوس ضار لمرضى الضغط، وهكذا..". ونصحت الجوهر كل مريض بأن يأخذ العلاج من طرقه الصحيحة: الأطباء والمستشفيات الموثوقة.
إنشرها

أضف تعليق