بالنسبة لبعض السائقين، التنبؤ بحادث مروري يمكن أن يبدو بمثابة أمر مربك، كما الحال بالنسبة للتنبؤ بالمكان الذي سيحدث فيه البرق، أو بالشخص الذي سيسقط النيزك في الفناء الخلفي لبيته. وعلى أية حال، ليس هناك جهاز كمبيوتر يستطيع أن يعرف الوقت الذي يمكن أن يحدث فيه تشويش للسائق بسبب مكالمة هاتفية تصل إلى هاتفه المحمول، أو المكان الذي سيجلس فيه شخص أصابته حالة من الدوار والصداع خلف عجلة القيادة من جراء كثرة حديثه بالجوال، أو المسافة التي سيغطيها الجليد الأسود.
يعتقد مسؤولو دوريات شرطة الطرق السريعة بالولايات المتحدة، وخبراء الإحصاء في جامعة ولاية أوهايو، أن الحوادث أقل عشوائية وأكثر قابلية للتنبؤ بها مقارنة بالوضع الذي تبدو عليه. وبناء على ذلك شكل قادة شرطة المرور المسؤولون عن الطرق، وقسم الإحصاء بالجامعة، فريقاً واحداً للتعاون من أجل تصميم جهاز كمبيوتر يتنبأ بالوقت والمكان الذي من المحتمل أن تقع فيه التصادمات.
والجهاز الجديد الذي أصبح جاهزاً للاستخدام في 4 (تموز) يوليو، ليضع أوهايو على منصة الريادة فيما يتعلق بمحاولات تحويل الحركات والاضطرابات التي تصيب آلاف السائقين إلى علم دقيق كالرياضيات. أو ربما علم غير دقيق.
وقال كريستوفر هولومان المدير المساعد للخدمات الاستشارية الإحصائية بجامعة أوهايو، والمصمم الرائد للنظام الجديد "نحن نتنبأ بناءً على أنواع شتى وكثيرة جداً من الأشياء، فلو كان من الممكن أن نرصد بشكل دائم كل ميل من الطريق، لاستطعنا أن نقوم بتنبؤات أكثر دقة".
ولتصميم الموديل أو النموذج الجديد، أدخل هولومان وزملاؤه بيانات 1.9 مليون حادث سير أدى إلى إصابات أو حالات وفاة في مناطق شتى بولاية أوهايو بين عامي 2001 و2005. وتم تصنيف هذه المعلومات وفقاً للسبب والوقت الذي وقع فيه الحادث من اليوم وموقع الحادث وما إذا كانت هناك شاحنة لها دخل بما حدث. ودفعت شرطة مرور الطرق السريعة لولاية أوهايو 19 ألف دولار لتصميم النظام الجديد.
والموديل الجديد أيضاً يمكن أن يضع الطقس العاصف في الحسبان، لكن النظام ليس متقدماً بالشكل الذي يكفي لأن يرصد العوامل التي تحدث في نفس توقيت حدوثها مثل، تحطم يحدث في الطريق، أو منطقة تتباطأ فيها حركة السيارات على نحو غير متوقع. كما لا يأخذ في الاعتبار إنشاء الطرق، الذي نستبعده –والكلام لهولومان- من المسببات الرئيسية للحوادث، الذي تبين لاحقاً.
والنظام لا يزال في بداياته. وفي وسط أوهايو، يغطي الطريق المنحني رقم I-270 بأكمله، لكنه لا يشمل أي طرق سريعة أخرى. لقد تم تطويره أيضاً من أجل بعض الطرق السريعة في توليدو ودايتون وكليفلاند وسينسيناتي.
يقول المقدم ويليام كوستاس مساعد مدير عمليات دوريات الشرطة "إن قادة دوريات الطرق السريعة يستخدمون برنامج الكمبيوتر في تحديد المواقع التي يمكن أن ينشروا فيها رجال الشرطة والأشياء التي يجب أن يتنبهوا لها".
فعلى سبيل المثال، إذا كان النموذج الجديد يظهر احتمالات عالية للحوادث المرتبطة بالسرعة في المنحنى الجنوبي الغربي 1-270 بين الساعة السابعة والساعة التاسعة صباحاً، فإن دوريات الشرطة يمكن أن تركز المزيد من رجال الشرطة وخبراء الرادار في هذا الوقت.
يقول كوستاس "نحن الآن في مرحلة يمكن أن يتنبأ فيها هذا النموذج بصورة فعلية باحتمالات الحوادث المستقبلية التي تسبب إصابات خطيرة ووفيات، ونقلل من هذه الاحتمالات في المناطق التي يمكن أن نوزع فيها رجالنا ونحدد نوعية الانتهاكات والتجاوزات التي تسبب هذه الحوادث".
لكن البرنامج ليس معقداً وذكياً بالقدر الذي يكفي لأن يعطي السائقين نشرات أو إخطارات في الأوقات التي تظهر فيها ظروف خطيرة في منطقة ما على نحو مفاجئ. ولربما يأتي هذا لاحقاً، وفقاً لكلام هولومان ومسؤولي دوريات الشرطة.
يقول كوستاس والملازم ريك زواير أيضاً "إن دوريات الشرطة تأمل في أن تدمج المزيد من المعلومات والبيانات مثل سرعات القيادة من أجل جعل التنبؤات أكثر دقة".
ويقول هولومان "إنها بالتأكيد خطوة على طول الطريق الموصل إلى ما تتمنى شرطة الطرق السريعة في الولايات المتحدة تحقيقه".
ويقول ريتشارد إف باين، منسق سلامة النقل في مجلس إدارة بحوث النقل والمواصلات الخاص بالأكاديمية القومية للعلوم "إن المشروع جعل أوهايو متقدمة بخطوة على كل ولاية تقريباً فيما يتعلق بالتنبؤ بالحوادث"، مضيفا ً أن ولاية كولورادو هي الوحيدة التي لديها نظام مماثل. فالولايات الأمريكية ظلت تجمع لوقت طويل معلومات بشأن الأماكن التي تقع فيها التصادمات والحوادث كي تزيل مصادر الخطر التي سببها تصميم الطرق السريعة، وكي تضع ضباط الشرطة في مناطق المشكلة. ولكن نظام أوهايو الخاص باستخدام هذا التاريخ، إضافة إلى العديد من العوامل الأخرى الخاصة بالتنبؤ بالحوادث، يعد علماً جديداً.
وقال باين الذي لم يكن قد درس نموذج أوهايو"هذه طريقة منهجية إحصائية متقدمة جداً. إنها بمثابة بحث رائد". مضيفا أن التنبؤ بالحوادث يُحتمل أن ينتشر ويمتد إلى وكالات أخرى مسؤولة عن سن القوانين في عصر يتحمل فيه الضباط المزيد من المسؤوليات مثل أمن الوطن.
وأردف بقوله "إنني أومن بأن هذا التنبؤ بالحوادث يمكن أن يحسن على المدى الطويل الأوجه التي ننفق فيها المال كي نحظى بأكبر عائد من الأموال، وذلك فيما يتعلق بتقليل مخاطر الحوادث إلى أدنى درجة ممكنة. فهل ستكون هذه العملية هائلة ومثيرة للغاية في نتائجها خلال العام أو العامين المقبلين؟ بالطبع لا، فنحن نتوقع مدى زمني مدته عشرة أعوام كي تبدأ هذه الأشياء في تحقيق فارق كبير".
إن المؤشرات الأولية مبشرة كما يقول كوستاس وهولومان ومسؤولو دوريات الشرطة الأمريكية الذين استخدموا النظام في التنبؤ بأنماط الحوادث أثناء الشهر الفائت. فمعظم التصادمات والحوادث وقعت تقريباً في نفس الأماكن والأوقات التي تم توقعها، كما ذكر كوستاس الذي أضاف قائلاً إنه"ستكون هناك حاجة إلى المزيد من البيانات والمعلومات الخاصة بالحوادث حتى يتم اتخاذ القرارات النهائية".