رفع البنك المركزي الأوروبي، وبنك بريطانيا، الفائدة الأساسية الخميس الماضي بفعل مخاطر معدل التضخّم المرتفع. وكان من المتوقّع أن ترتفع فائدة اليورو الأساسية من 2.75 إلى 3 في المائة بصورة عامة. وأشار رئيس البنك المركزي الأوروبي، جين كلاود تريخت، أن الأشهر المقبلة ستشهد المزيد من الخُطى في رفع سعر الفائدة.
وتشهد الأسواق المالية الآن مضاربات، تشير أن سعر الفائدة الأساسية سيرتفع أكثر مع بداية تشرين الأول (أكتوبر) المقبل إلى 3.25 في المائة، وعلى الأغلب إلى 3.5 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وكان ارتفاع سعر الفائدة للبنك المركزي البريطاني من 4.5 إلى 5.75 في المائة أمراً مفاجئاً. وبتوتر ملحوظ من المتوقع الآن أن يعمد البنك الاحتياطي الأمريكي الثلاثاء المقبل لرفع سعر الفائدة الأساسية لديه مرة أخرى, وهذه ستكون الخطوة الثامنة عشرة على التوالي. وكان البنك المركزي الأوروبي قد رفع فائدته الأساسية أخيرا مع بداية حزيران (يونيو) الماضي.
والدلائل الواضحة عن البنك المركزي الأوروبي والبنك البريطاني تشير إلى أن مخاطر مرتفعة فيما يتعلّق باستقرار الأسعار على المدى المتوسط والتقارب مع مخاوف الأسواق المالية والخشية أن تعمد المزيد من البنوك المركزية على رفع سعر فائدتها الأساسية خلال الفترة الوجيزة المقبلة. وهذا ما تتبّعته الأسعار في أسواق الأسهم على نحوٍ سائد، حيث استفاد اليورو من مظاهر تحقيق ارتفاع آخر على أسعار الفائدة، وسجّل أرباحاً ضئيلة مقابل الدولار.
وأكّد تريخت، أن فائدة اليورو الأساسية ستبقى متدنية برغم الرفع. ولذا فإن السياسة المالية تدعم النمو الاقتصادي. وفي الوقت الراهن، كل شيء يشير إلى أن اقتصاد منطقة اليورو بمعدل القدرة الكامنة لديه، سينمو خلال الأشهر المقبلة أكثر، أي بما يعادل نحو 2 في المائة سنوياً. وفي حالة صدقت هذه التوقعات فعلاً، عندها من الضروري إجراء المزيد من رفع سعر الفائدة الأساسية، حيث في هذه الحالة فقط يمكن التأكيد على أن مواطني البنك المركزي الأوروبي واثقون بضمان استقرار الأسعار. ولكن الخطورة تكمن على المدى المتوسط والبعيد، بأن يضعف النمو الاقتصادي، حسبما ورد عن تريخت. وتتزايد هذه المخاطر نتيجة حدة التوتر القائمة في الشرق الأوسط، بأن ترتفع أسعار النفط أكثر، أو أن تزيد حدة الحماية التجارية عقب التوقّف المؤقّت لمحادثات دورة التجارة العالمية.
و قد سجّل معدل التضخم في حزيران (يونيو) الماضي، ما سبقه بشهرين نحو 2.5 في المائة في منطقة اليورو. وبالتالي فهو يُعد أعلى بوضوح من الهدف المتفق عليه من قبل البنك المركزي الأوروبي لمعدل التضخم السنوي على المدى المتوسط بنحو 2 في المائة. ويمكن الاستنتاج من الأسعار الفعلية للقروض المشيرة للتضخم، بأنه من المتوقع أن يصل مؤشر التضخم في الأسواق المالية إلى معدل سنوي متوسط المدى بنسبة 2.2 في المائة. وهذه إحدى المؤشرات إلى جانب الزيادة القوية في حجم المال، والأرصدة الائتمانية، والتي تنشر الخوف والقلق في صفوف البنك المركزي الأوروبي، لأنها تشير إلى مخاطر تضخم مستقبلية. ويقول تريخت، من المفترض أن يسهم رفع الفائدة في تركيز توقعات التضخم على مستوى واحد يتوافق مع استقرار الأسعار. وهذه هي المساهمة الأفضل، التي يمكن أن تؤدي لنجاح السياسة المالية في تزويد النمو الاقتصادي وتعزيز فرص العمل.
وبرر البنك البريطاني رفع سعر الفائدة الأساسية لديه بأن معدل الغلاء بلغ أخيراً نحو 2.5 في المائة، وهذا أعلى من الهدف المقصود. وأشار على نحوٍ مفاجئ أيضاً، للمرة الأولى منذ تموز (يوليو) من عام 1997، إلى نمو حجم المال والأرصدة الائتمانية السريعة.
ويقول تريخت، بناءً على المظاهر الحالية، إن حجم التضخم سيرتفع أكثر في منطقة اليورو خلال العام الحالي، والعام المقبل بما يزيد على 2 في المائة. وأن ارتفاع أسعار النفط والمواد الخام تُصيب الأسعار الاستهلاكية تدريجياً؛ وبالإضافة إلى هذا، فمن الممكن أن يعمل الرفع على زيادة الضرائب والأسعار غير المباشرة. وبناءً على تقديرات وزير الاقتصاد الألماني، مايكل جلوس، من حزب الاتحاد الاشتراكي المسيحي فإن رفع الفائدة لا يشكل أية خطورة على ازدهار الوضع الاقتصادي. "أنا أثق، أن البنك المركزي الأوروبي سيحتفظ بقراراته حتى الوقت الراهن، بأن معدل التضخم المرتفع يُعزى خصوصاً إلى أسعار طاقة مرتفعة إلى حدٍ كبير"، حسبما ورد عن جلوس. وعلى أية حال، فقد أبدت البنوك الألمانية تفهّماً حول أمر رفع الفائدة الأساسية.