حوكمة الشركات بين الواقع والتطبيق

حوكمة الشركات بين الواقع والتطبيق

يبدو جليا في الأفق أن السوق المالية تخطو خطوات ثابتة نحو آفاق المستقبل في ظل رؤية واضحة لهيئة السوق المالية وما تبذله لتحسين الأداء للسوق المالية السعودية وجاء إعلان مشروع لائحة حوكمة الشركات Corporate Governance التي صدرت يوم الأربعاء 9/6/1427هـ وطلب الهيئة إبداء الملاحظات والآراء حول بنود تلك اللائحة وصدوره كمشروع لائحة لأخذ مرئيات السوق (مستثمرين، إدارات الشركات المساهمة، مهتمين بالسوق المالية السعودية، مستشارين ومحللين) يعد مكسبا لهيئة السوق المالية وللسوق نفسها، حيث يمكن الهيئة من أخذ مرئيات المتعاملين والمهتمين بالسوق المالية وإشراكهم في وضع اللوائح التي تنظمهم، مما يعمل على تدعيم الاقتصاد الوطني بصفة عامة والسوق المالية بصفة خاصة. وبقراءة متأنية لمشروع اللائحة نجد أنها تتضمن القواعد والمعايير المنظمة لإدارة الشركات المساهمة من أجل ضمان الالتزام بأفضل الممارسات التي تكفل حماية حقوق المساهمين وأصحاب المصالح، وهناك العديد من نقاط القوة التي وردت باللائحة كما يلي: 1) أسلوب التصويت التراكمي حيث يتيح لمساهمي الأقلية الحصول على مقاعد لهم في مجلس إدارة الشركة وهذا ما لم يكن موجودا في ظل نظام التصويت الحالي في الشركات المساهمة السعودية. 2) إلزام هيئة السوق المالية من خلال تلك اللائحة للشركات باتباع سياسات واضحة لتوزيع الأرباح وإطلاع المساهمين عليها كما منعت عقد القروض التي تتجاوز آجالها ثلاث سنوات أو بيع العقارات أو رهنها أو إبراء مديني الشركة من التزاماتهم، إلا إذا كان مصرحا بذلك في نظام الشركة وبالشروط الواردة فيه كما منعت تجاوز مكافآت الأعضاء 10 في المائة من الأرباح. ومن النقاط التي تحتاج إلى ضرورة المراجعة المتأنية من جانب هيئة السوق المالية ما يلي: 1) لم تتطرق اللائحة إلى كيفية أو آلية تقويم أداء مجلس الإدارة وأعضاء مجلس الإدارة وكذلك الإدارة التنفيذية للشركات المساهمة. 2) آلية الإفصاح والشفافية لتحقيق المساواة في الحصول على المعلومات عن الشركة وأدائها حيث يجب ألا يقتصر هذا الحق على مجموعة من المساهمين دون غيرها، كذلك أغفلت اللائحة وضع الجزاء لمن يسرب معلومات لمجموعة من المساهمين دون غيرها وهنا يجدر القول إلى عدم التمييز بين المساهمين في الحصول على المعلومات وبالتالي فاللائحة في حاجة إلى ضوابط وعقوبات رادعة لكل من يقوم بتسريب معلومات لمجموعة مساهمين دون باقي المساهمين، فهيئة السوق المالية هدفها الأول والأخير العدالة بين جميع المساهمين في الشركات المساهمة، وسعيا نحو دور فاعل من أجل فرض المعايير الدولية في المراجعة والإفصاح الفعلي. ومن وجهة نظرنا ولحرصنا الشديد على المصلحة العامة والسوق المالية فإننا نرى ضرورة المراجعة المتأنية للائحة وكل ذلك بهدف رفع درجة الشفافية ولأداء راق للسوق المالية السعودية. 3) أوردت اللائحة حق المساهمين في مناقشة الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال وكان أحرى ألا يحصر مجال المناقشة في جدول الأعمال لأن مجلس الإدارة هو الذي يحدد جدول الأعمال وبالتالي فإنه لا يدرج الموضوعات التي تنطوي على تساؤلات أو إخفاق الإدارة ومن هنا نطالب بحق المساهمين في مناقشة أعمال الشركة دون التقيد بجدول الأعمال، وهذا يدعم موقف الشركة لمعرفة مجلس الإدارة أن هناك مساءلة على أدائهم وعلى أي تجاوزات أو تقصير. 4) عدم وضوح اللائحة بخصوص أحقية المساهمين عند طرح أسهم جديدة للاكتتاب وهل هذا يتوقف على توصية خاصة من مجلس الإدارة والجمعية العامة على ذلك، وهنا يفضل توضيح ذلك في اللائحة بحيث يكون للمساهمين في الشركة أفضلية في الاكتتاب في أي طرح جديد من الأسهم للاكتتاب في الشركة. ومما لا شك فيه أن إصدار مشروع حوكمة الشركات يعتبر وبحق أحد أهم المشاريع الحيوية الداعمة للسوق المالية السعودية والاقتصاد الوطني بوجه عام في ظل القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله - وحرصه على مصالح الوطن والاقتصاد الوطني ورعايته الحقوق وحفظها.
إنشرها

أضف تعليق