أسباب جمع الصلوات (1)

<a href="mailto:[email protected]">d_almakdob@hotmail.com</a>

إن صلاة الظهر والعصر وكذا المغرب والعشاء يجوز أداؤها في وقت الأخرى منها تقديما أو تأخيرا، فيجوز صلاة الظهر مع العصر جمع تأخير أو تقديم العصر مع الظهر جمع تقديم، وكذا يقال في المغرب والعشاء يجوز ذلك بثلاثة أسباب: السفر والمرض والمطر ونحوه.
فأولها السفر وقد سبق أن تحدثت عن السفر إجمالا كسبب من أسباب الترخص في العبادات فذكرت ضابط السفر الذي يبيح الترخص والإقامة التي تقطع الترخص ووقت الشروع في الرخص للمسافر وغيرها، وهنا أبين السفر كسبب من أسباب الجمع، فيجوز للمسافر أن يجمع بين الظهرين أي الظهر والعصر، والعشاءين أي المغرب والعشاء في سفر يجوز فيه القصر أي مسافة 80 كيلو مترا فأكثر في الأظهر من الأقوال كما سبق بيانه، وسواء كان سائرا أو نازلا فيجوز له الجمع ما دام يشمله وصف السفر، ويتأكد الاستحباب إذا جد به السير فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء.. أخرجه البخاري ومسلم.
ولأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يجمع بين الصلاتين في منى في حجة الوداع لأنه كان نازلا وجمع في عرفة حتى يفرغ للدعاء والعبادة.
ومع ذلك فإنه يجوز للمسافر أن يجمع وإن كان نازلا لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جمع في غزوة تبوك وهو نازل كما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وظاهر حديث أبي جحيفة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين "أن النبي كان نازلا في الأبطح في حجة الوداع وأنه خرج ذات يوم وعليه حلة حمراء فأم الناس فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين".
ولعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا سفر، ولأن المسافر يشق عليه أن يفرد لكل صلاة في وقتها إما للعناء أو قلة الماء، وتحديد الجمع بالتقديم والتأخير يرجع إلى تقدير المسافر فيفعل الأرفق به والأهون عليه، ويختلف باختلاف الناس وتقديرهم إذ المشقة تتفاوت من أناس إلى آخرين والرخصة متيسرة لهم فيأخذون ما يرفق بهم ويخفف عنهم عناء سفرهم. وهنا مسألة يحسن التنبيه عليها ونحن نتكلم عن المسافر النازل سواء في البلد أو غيره، فإن قلنا يجوز له الجمع لما ذكر من الأدلة فلا يفهم من ذلك أن المسافر يترك الجماعة ويصلي في مقر إقامته الظهر والعصر وكذا المغرب والعشاء منفردا جمعا وقصرا إذ الجماعة واجبة في الحضر وفي السفر إذا وجدت الجماعة، فقد أمر الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا كان في الجهاد أن يقيم لهم الصلاة جماعة، ومن المعلوم أن رسول الله لم يقاتل إلا في سفر، مما دل على وجوب صلاة الجماعة في السفر كما تجب في الحضر، ولكن إذا كان المسافرون جماعة فلهم أن يصلوها جماعة قصرا وجمعا، وإذا كان منفردا ووجد الجماعة ويسمع المؤذنين فليس له أن ينفرد بالصلاة بنفسه ويترك جماعة المسلمين بل تجب عليه الصلاة جماعة، فالسفر وإن جّوز الجمع فليس مسقطا للجماعة في الأظهر من أقوال العلماء.
والجماعة تنعقد باثنين ولو بأنثى في الأظهر من أقوال العلماء فإذا كان الرجل وزوجته في سفر صليا جماعة، وتقف المرأة خلف الرجل لأن الجماعة مأخوذة من الاجتماع والاثنان أقل ما يتحقق به الجمع، قال الوزير: أجمعوا على أن أقل الجمع الذي تنعقد به صلاة الجماعة في الفرض غير الجمعة اثنان، إمام ومأموم.
وإلى الملتقى،،،

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي