الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

السبت, 20 ديسمبر 2025 | 29 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.27
(-0.84%) -0.07
مجموعة تداول السعودية القابضة151.8
(-1.56%) -2.40
الشركة التعاونية للتأمين115
(-1.71%) -2.00
شركة الخدمات التجارية العربية120.3
(-0.66%) -0.80
شركة دراية المالية5.41
(2.08%) 0.11
شركة اليمامة للحديد والصلب31.3
(-1.26%) -0.40
البنك العربي الوطني21.18
(-0.24%) -0.05
شركة موبي الصناعية11.2
(0.00%) 0.00
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.4
(-1.23%) -0.38
شركة إتحاد مصانع الأسلاك19.84
(-0.55%) -0.11
بنك البلاد24.77
(-0.72%) -0.18
شركة أملاك العالمية للتمويل11.33
(0.18%) 0.02
شركة المنجم للأغذية53.85
(0.19%) 0.10
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.58
(0.87%) 0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية52.75
(0.67%) 0.35
شركة سابك للمغذيات الزراعية112.7
(1.62%) 1.80
شركة الحمادي القابضة27.58
(-2.75%) -0.78
شركة الوطنية للتأمين12.98
(-0.61%) -0.08
أرامكو السعودية23.65
(0.21%) 0.05
شركة الأميانت العربية السعودية16.37
(-0.12%) -0.02
البنك الأهلي السعودي37
(1.09%) 0.40
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات28.16
(-0.78%) -0.22

من المشاهد انتشار العديد من الأمراض والأوبئة الفتاكة من خلال فيروسات تنقل العدوى من إنسان إلى إنسان أو من الحيوانات إلى الإنسان، مثل فيروس حمى الوادي المتصدع (فليبو) والفيروس المسبب للالتهاب الكبدي الوبائي الذي يتنقل عبر عمليات نقل دم ملوث أثناء إجراء عمليات جراحية أو بعد وقوع حادث، وفيروس الإيدز الذي يتنقل من خلال العمليات الجراحية أو من خلال المعاشرة الجنسية. لذا يبرز تساؤل حول مدى مسؤولية الطبيب المعالج. أو بالأحرى مسؤولية المستوصف الطبي أو المستشفى عن الخطأ في علاج المريض أو عن تسببه في إصابته بأحد الفيروسات الخطيرة، ولاسيما في ظل ما نشاهده من ارتفاع نسبة حوادث السيارات التي تتطلب إجراء عمليات نقل دم لإسعاف المصابين فيها، كما أن الإصابة بأمراض الكلى وخاصة الفشل الكلوي تجعل صاحبه في حاجة ماسة إلى إجراء عمليات الغسيل الكلوي بصفة مستمرة ومنتظمة، مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بالفيروسات المسببة للإيدز وللالتهاب الكبدي الوبائي عن طريق الدم.

ويزيد من خطورة وإمكانية الإصابة بهذه الأمراض المعدية أن بنوك الدم تقوم بتجميع الدم من أوساط المسجونين وغيرهم من مدمني المخدرات بطريق الحقن دون فحص سابق ثم تحفظه لمدة معينة لحين الحاجة إليه. لهذا فإن من أهم المسائل التي أثارت جدلاً قانونياُ ولم يستقر الرأي بشأنها مسألة المسؤولية القانونية الناشئة عن الأعمال التي يقوم بها الأطباء في معالجة المرضى، سواء تمثلت في تشخيص المرض ووصف العلاج، أو في العمليات الجراحية أو في عمليات نقل الدم الملوث وما يصاحبه من انتقال فيروسات المرض إلى أشخاص غير مصابين به أصلاً ومن ثم يتعرضون للوفاة.

وإذا كانت هناك قواعد قانونية يمكن الاستناد إليها لتحديد مسؤولية الطبيب عن الخطأ المهني الذي يرتكبه أثناء إجرائه للعمليات الجراحية مثلاً، وذلك عندما يخرج الفعل الذي قام به عن تصرفات وأفعال الطبيب المعتاد، ويخالف أصول المهنة، فإن هناك جوانب أكثر صعوبة تبدو في تحديد مسؤولية المستشفى أو المستوصف الذي يعمل فيه الطبيب باعتبار أن هذا المستوصف شخص معنوي أو اعتباري يتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن شخصية العاملين فيه. ولكن الرأي القانوني يميل إلى تقرير مسؤولية الشخص الاعتباري عن الأفعال الضارة التي تسبب فيها ممثلوه للآخرين بسبب مباشرة نشاطه، أما إذا كانت أفعال ممثليه تصل إلى حد ارتكاب الجرائم فإن تقرير المسؤولية الجنائية للشخص الاعتباري محل خلاف بين شراح القانون ما بين مؤيد ومعارض، وتقرر معظم القوانين الوضعية المسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتبارية، وتعطي للقاضي سلطة استبدال العقوبة المقيدة للحرية ( كالحبس أو السجن أو الأشغال الشاقة) بعقوبة الغرامة المالية.

ولقد تناول شراح قانون العقوبات في بعض الدول تحديد المسؤولية الجنائية الناشئة عن الإصابة بمرض الإيدز، كما تناول شراح قوانين المعاملات المدنية بحث إمكانية تعويض ضحايا الإيدز؛ إذ رأى البعض منهم أنه يمكن تعويض المريض عن حياة العدم التي يعيشها منذ إصابته بالمرض، كما يمكن تعويضه عن الضر الأدبي الذي أصابه نتيجة عزله عزلاً كاملاً عن المجتمع خشية انتشار العدوى، أي تعويضه عن " النفي الاجتماعي" الذي يتعرض له ؛ ورأى البعض الآخر أنه يمكن تعويض المريض عن المخاطر الطبية وتقرير مسؤولية الطبيب الذي قام بنقل دم ملوث بالفيروس للمريض.

وأصدرت بعض الدول قوانين تناولت بعض الجوانب القانونية المتعلقة بالإيدز مثل تعويض الضحايا، مثال ذلك القانون الفرنسي الصادر في 31 كانون الأول (ديسمبر)1991م الذي ينص على تأسيس صندوق خاص لتعويض ضحايا الإيدز بصورة مباشرة وبإجراءات أكثر سهولة وسرعة، ثم صدر القانون الفرنسي في الرابع من كانون الثاني ( يناير) 1992م الذي تم بمقتضاه صياغة أحكام تتعلق بتجميع الدم وتصنيعه ونقله وتوزيعه.

وعلى ذلك فإذا ثبت أن عدوى الإيدز قد وقعت بسبب نقل دم ملوث أو أحد مشتقاته فيجوز للضحية أن يرفع دعوى تعويض مدني ضد المتسبب في ذلك، ويشترط توافر خطأ وضرر وعلاقة السببية بينهما. إذ إن هذا البنك يلتزم في مواجهة المريض بالتزام بتحقيق نتيجة وهي نقل دم نظيف غير ملوث ومن ثم تقوم مسؤوليته على فكرة الخطأ في نقل دم ملوث، ولا سيما أن الضحية يكون في موقف سلبي تحت تأثير الطبيب أو الجراح، بحيث لا يملك أية قوة أو قدرة على قبول أو رفض نقل الدم أو حتى مجرد التأكد من صلاحيته ونظافته. كما أن بنك الدم يلتزم بضمان كل عيب خفي في الدم الذي يبيعه للضحية، ومن ثم يعتبر البنك في هذه الحالة في حكم المنتج أو الصانع الذي يعلم أو المفروض فيه أن يعلم بعيوب المنتج، بحيث يعتبر سيئ النية في مواجهة المريض الضحية، ومن ثم يلتزم بتعويضه عن جميع الأضرار التي تحدث نتيجة نقل الدم الملوث له. بل إن القضاء الوطني في بعض الدول يميل إلى تأسيس حق الضحية في التعويض ضد بنك الدم على فكرة مفادها أن هذا البنك يلتزم في مواجهة المريض بالتزام بالأمن أو بالسلامة، وهو التزام مستقل تماما عن ضمان العيوب الخفية، ولا يمكن إعفاء بنك الدم من المسؤولية لمجرد إثبات عدم وقوع خطأ.

ولهذا فإنني أرى ضرورة الاهتمام بدراسة موضوع المسؤولية القانونية للمستشفيات والمراكز الصحية عن نقل الدم الملوث، كما أرى أهمية إنشاء صندوق اجتماعي لمساعدة ضحايا هذا الفعل.

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية
المسؤولية القانونية للمستشفيات عن نقل دم ملوث للمريض