نسمع في الفتاوى مصطلح الأسهم النقية، وقد تساءلت في مقال الأمس عن ضابط النقاء واجتهدت في تحديده بأنه أسهم الشركات التي لا تتعامل بمحرم مطلقا نشاطا وتمويلا واستثمارا، لا بكثير ولا يسير، والعارف بأحوال الشركات وتعاملاتها يعلم أن وجود مثل هذه نادر إن لم يكن مستحيلا ومعيار قياس النقاء عند من يقول به هو تحليل القوائم المالية للشركات في نهاية كل ربع سنوي، فإذا سلمت هذه القوائم من القروض والإيداعات الربوية في الأشهر الثلاثة السابقة وضعوها في قائمة أسهم الشركات النقية في الفترة اللاحقة، وإذا حوت القوائم المالية في الربع التالي قروضا أو إيداعات أو استثمارات ربوية وضعوها في قائمة أسهم الشركات المختلطة أو المحرمة، بحسب نسبة العوائد المحرمة. وهكذا تلحظ تحديثا لهذه القوائم في كل دورة ربع سنوية، وسمعنا بقائمة وصفت أربع شركات بالنقاء والباقي بين مختلط ومحرم، وظهر آلاف المستفتين ممن دخلوا في أسهم الشركات، وهي نقية ثم تحولت إلى مختلطة أو دخلوا فيها وهي مختلطة ثم تحولت إلى محرمة ولا يستطيعون الخروج من هذه الشركات أو تلحقهم خسائر فادحة بالخروج منها، ولك أن تتصور قوة العروض بسبب تحول الشركة من نقية إلى مختلطة أو من مختلطة إلى محرمة حسب القوائم التي نسمع بها وكم هم ضحاياها؟ إن التحليل والدراسة لآخر قائمة مالية في دورة ربع سنوية ليس علما بنقاء الشركة في الفترة المالية القادمة بقدر ما هو تنبؤ بمستقبل الشركة وتوقع لاستمرار الشركة على ما كانت عليه في الربع السابق والواقع يخالفه، فالشركة مثلا في الربع الأول محرمة والثاني مختلطة والثالث محرمة والرابع قد تكون نقية، حسب القوائم التي نراها فكيف يحكم على ربع قادم بحكم بناء على ربع سابق رغم الاحتمال الكبير لاختلاف قوائمها المالية وبناء الأحكام على الأمور المستقبلية لا يكون إلا بناء على اليقين أو الظن. وواقع الأمر أن الشركات المساهمة إذا كانت جميع قوائمها المالية السابقة تحتوي على الاستثمارات الربوية ولا يستمر هذا في جميع القوائم لانخفاض سعر الفائدة مثلا ولو ارتفع سعر الفائدة لتحول كثير من الشركات للاستثمار فيها، فالسياسة الاقتصادية تقوم على تدوير الأموال وعليه فلا يجوز الجزم بنقاء شركة بناء على قائمة دورية، وأرى أن إطلاق هذا الوصف مجازفة وبدون دليل شرعي يدل على التحريم أو التحليل بناء على ماض لا يعرف مستقبله، ثم إن الأرباح الدورية هي في حقيقتها أرباح سنوية للشركة. للمقال بقية، وإلى الملتقى.
