مع الثورة الاقتصادية العارمة التي تشهدها سوق البورصة السعودية والأسواق الخليجية ظهرت عشرات الشركات وظهر تبعاً لها عشرات الفتاوى بين محلل ومحرم ومحذر ومرغب وقليل منها المتورع، وأصبح كثير من العامة في حيرة خصوصاً مع ظهور من لا يلتزم منهجية واضحة وقواعد ثابتة وأصولاً راسخة وتصوراً بيناً وفهما للمراكز المالية والطرق الاستثمارية والوسائل التمويلية ونسب العوائد وأوجه التعامل مع الشركات المحلية والعالمية، فهذه أمور اقتصادية تحتاج إلى فهم دقيق وتصور متكامل وفهم واضح، فليس الحكم على شركة ذات قوائم وأصول واستثمار حلاً أو حرمة لا أبالغ إن قلت إنها قد تبلغ مئات الصفحات
يطلق في بضع دقائق. إننا نعيش في زمن أصبح الحديث فيه عن علوم الشريعة بضاعة كل متعالم ومتحدث حتى تكلم كثير من الرويبضة واستطالوا على منازل العلماء والهيئات الشرعية وظهر التجاسر على الفتوى وما علموا أن أصل الشرك وأساس البدع هو القول على الله بغير علم يقول تعالى "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون"فانظر أخي القارئ كيف قرن الله القول عليه بغير علم بالشرك به والإثم والبغي والفواحش، فما الشرك بالله إلا ضرب من القول على الله بغير علم، فالتحليل والتحريم حق لله وحده، فالحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه، ولقد أنكر الله على من جعل مصدر التحليل والتحريم من قبل أهوائهم فقال سبحانه " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم" وقال تعالى "قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة" وإن من أكبر الجنايات أن يتصدر المرء للخوض في دين الله تحريماً وتحليلاً من غير علم بدقيق المسائل وإحاطة بالأدلة ثبوتا ودلالة واستدلالا فلا نستغرب اليوم من أن يتصدر البعض الفتوى على رؤوس الأشهاد ويستمع إليه الآلاف ويخوض في كثير من المسائل مما لو عرضت على عُمر لجمع لها أهل بدر، ويندر أن تسمع منهم كلمة لا أدري أو الله أعلم، إنها جرأة على شرع الله وتجن على الدين وسوء أدب مع الله تبارك وتعالى، ولو خاضوا في الطب أو علوم الدنيا لضرب على أيديهم ووصفوا بالجهل والتخبط، وأمثال هؤلاء ممن ابتلوا بآفة طلب الشهرة واستقطاب المشاهدين على حساب الدين أضلوا فئاماً من الأمة ممن سيحملون أوزارهم وأوزاراً مع أوزارهم وليعلموا أن الفتاوى نارتضطرم وأنهم يوقعون عن رب العالمين، وواجب أن تسلم الأمة من لأوائهم.
وإلى الملتقى
