نالت هذه الورقة جائزة كارولين ديكستر لأفضل وثيقة دولية تقدمها أكاديمية الإدارة، وأكاديمية الدراسات ما بين الثقافات / جائزة ديملر كرايزلر.
إن الأهمية الاستراتيجية للمهام الخارجية الدولية معروفة جيداً. غير أن مهام المغتربين كثيراً ما تفشل. فهي على سبيل المثال تفشل في جوانب العودة غير الناضجة، أو ضعف أداء العمل، أوالتكيف الاجتماعي الثقافي. وبشكل عام، يسمى ذلك بالفشل في التكيف. ولكن كما يقول المثل "يساعد الله من يساعدون أنفسهم".
ووجد جنتر ستاهل، الأستاذ المساعد لعالم النشاطات العملية الآسيوية في "إنسياد"، بأنه يمكن للمغتربين أن يكونوا مشاركين فعالين في عمليات التأقلم الخاصة بهم، إذا تبنوا استراتيجيات تكيف فعالة.
وتحدد أبحاث المغتربين السابقة نوعين رئيسيين من استراتيجيات التكيف، وهي الاستراتيجية التي تركز على المشكلة، وتلك التي تركز على الأعراض. وتتعلق استراتيجية التكيف التي تركز على المشكلة بإدارة العلاقة بين الشخص، والبيئة المحيطة. وللتعامل مع ذلك النوع من التكيف، سيتفاعل المغترب عادة مع أشخاص مواطنين في الدولة المضيفة، ويجارون الثقافة الخارجية، وما إلى ذلك. وتتعلق استراتيجية التكيف التي تعتمد على الأعراض بتنظيم المشاعر الباعثة على التوتر، كرد الفعل القائم على التجنب، والاستراتيجيات الدفاعية في التعامل بين الأشخاص.
ولدى الاستراتيجيات التي تركز على المشكلة بشكلٍ عام تأثير إيجابي على التأقلم بين الثقافات، إضافة إلى فعاليتها، بينما نجد عموما أن للاستراتيجيات التي تركز على الأعراض تأثيراً سلبياً. ولكن المعادلة الناجحة تشمل تقييم الجمع بين كلا الطريقتين. ولتوضيح تلك القضايا المتعلقة بصنع القرار، بالارتباط مع عملية إدارة قضايا المغتربين، أعد الأستاذ ستاهل دراسة تشمل 116 مديراً ألمانياً يعملون في اليابان، والولايات المتحدة، ووجد بشكلٍ كبير أن لدى المديرين الألمان استراتيجيات التكيف التي تركز على الأعراض، مثل استراتيجيات التجنب، والاستراتيجية الدفاعية في التعامل بين الأشخاص. ولاحظ كذلك ببساطة أن بعض البلدان يصعب عليها التأقلم أكثر من بلدان أخرى، وأنه يمكن للبعد الثقافي أن يكون محدداً أساسياً للتكيف.فعلى سبيل المثال، تعتبر اليابان ثقافياً أكثر بعداً عن ألمانيا منها عن للولايات المتحدة، وبذلك تكون كل من استراتيجيات التكيف الاستراتيجية التي تركز على المشكلة، وتلك التي تركز على الأعراض، متوسطة الكفاءة، وعادة ما تكون عكسية النتائج حين تتعامل مع تحديات التأقلم.
وحين يواجه المغتربون حدوداً وعوائق ثقافية ولغوية قوية، فإنهم يلجأون إلى استراتيجيات تأقلم تقلل التوتر، مع أنه ثبت أنها مؤذية لكفاءة العمل، والتأقلم طويل المدى في الدولة المضيفة. ولكن إذا طبقت استراتيجيات التأقلم تلك في دولة تمتلك بيئة مشابهة ثقافياً، فربما تصبح تلك الاستراتيجيات أكثر كفاءة.
وأدرج الأستاذ ستاهل في المعادلة كذلك عوامل تتعلق بالمضمون والبيئة المحيطة، مثل الدولة المضيفة، ومستوى المنصب، ومرحلة التكليف، وقيّمها في ضوء الكفاءة في تأقلم المغتربين. وأبدى المغتربون في الولايات المتحدة، من ذوي المستوياتٍ الأعلى تكيفاً فعالاً أكبر من نظرائهم في اليابان، أو زملائهم في المستويات الأدنى.
ويتناول البحث سؤالاً آخر، وهو: هل هنالك مجموعة من الميول السلوكية المستقلة نوعاً ما، يمكنها التفريق بين المديرين المغتربين ذوي الكفاءة عن الآخرين؟ ويسلط الأستاذ ستاهل الضوء على الميزات التي يمكن أن نعتبرها بالغة الأهمية بالنسبة لنجاح التكليف، ابتداءً من حل المشاكل المخطط له، إلى الاندماج الثقافي، وحل النزاعات، وصولاً إلى حل النزاعات المتعلقة بالاندماج المستقبلي للمغتربين في المجتمعات المعنية.
والأكثر من ذلك هو ما يبدو من أن هنالك تدابير تكيف غير متناغمة، كملاحقة النشاطات المعتادة لشخصٍ ما، واستبدال النشاطات التقليدية بأخرى جديدة، كانت بالغة الأهمية بالنسبة لنجاح مهام المغتربين.
وتشير النتائج إلى أنه يمكن لبعض تدابير تأقلم معينة أن تكون فعالة عالمياً، وأن تتجاوز مشاكل محاولة إيجاد "التأقلم الثقافي" الصحيح. ويمكن على كل حال أن تظهر تلك التدابير العامة في تصرفات حقيقية مختلفة اعتماداً على البيئة الثقافية. فما هي بالضبط السعادة القصوى للمغترب؟ ربما لا توجد تلك السعادة، ولكن يبدو أنه يمكنك أن تقترب من الجمع بين تدابير إيجابية، وتناغم لطيف ملائم لحياتك.